الجمعة، 27 أبريل 2007

دفاعا عن حقي كقارئ

تقديم : اقترح علي أحدهم نشر هذا المقال على هذه المدونة
إنّ إحدى خصائص المجتمعات العربية التهليل والتصفيق للزعيم و مكان الزعيم لا يمكنه البقاء شاغرا، فهناك إحساس لدى المواطن العربي بأنه لا يمكن له أن يكون بدون زعيم. و لا يلذ له العيش دون القيام بجملة من الشعائر و التعاويذ للتقرب من الزعيم
استضافت إحدى المنظمات المدنية السيد عبد الباري عطوان (رئيس تحرير جريدة القدس العربي) لإلقاء محاضرة. و بحلول هذا الأخير بالقاعة تحولت إلى مشهد شبيه بالمشاهد التي تراها يوميا على قنوات الزعماء العرب لإبراز مدى تعلق شعوبهم بهم: تهليل، تصفيق، شعارات... و أغلب الحضور يريدون التقرب منه و الوقوف بجانبه و أخذ صورة معه
على الذين يسعون لبناء مجتمعات تقوم على مبادئ الديمقراطية و السلوك المدني من أمثال الدكتورة وفاء سلطان أن يعملوا على عدم إعادة إنتاج هذه السلوكيات وعدم الالتجاء لها للاحتماء ممّن يكونون قد صوّبوا بنادقهم لها. و ذلك لأن إحدى مهمات الديمقراطية هي التخلص من عبادة الزعيم
من حق الدكتورة وفاء سلطان أن تفخر بعدد قرّائها و أن تكون في خدمتهم بأن تحقق لهم طلباتهم. فأنا كذلك قارئ من هؤلاء و لكني لا أعتقد أن كل القراء يحملون نفس الرأي بخصوص مقال الدكتورة رجاء بن سلامة (ملاحظات نقدية حول آراء وفاء سلطان) و يعتبرونه تجريحا بشأنها. (سيكون ذلك كنتائج الانتخابات التي يحققها الزعماء العرب حيث تتراوح النسب بين 95 و 100 بالمائة
أنا مثلا من قراء د.سلطان و د.بن سلامة و لم أر في المقال الذي كتب تجريحا أو حطا من قيمة د. سلطان و لم يتبادر إلى ذهني أنه استهداف لها أو أنه بمثابة بندقية مصوبة لها. فإذا كان كل قرائها أو ما يزيد عن 80 بالمائة منهم أجمعوا على أنه تجريح أو بمثابة بندقية موجهة فإن ذلك سيعتبر مؤشرا على فشل د.سلطان و د. بن سلامة و غيرهما في المساهمة في خلق جيل من القراء لديهم حس نقدي و قدرة على التمييز و تحكيم العقل و القطع مع العقل الانفعالي الغرائزي. إذ أنه لا يمكن بناء مجتمعات ديمقراطية دون أن يكون أفراده ديمقراطيون فعلا
قد يكون القراء فعلا مندفعون (فدوافعهم متعددة) و منحازون بشكل لا عقلاني لكاتبهم المفضل و ذلك الاندفاع يدفعهم إلى التعاطي مع كل نقد أو اختلاف على أساس أنه هجوم بالبنادق فيهيجون و يموجون مطالبين بالثأر، و هذا ما حصل فعلا أثناء رد فعل المسلمين على الرسوم الكاريكاتورية. فردّة فعلهم كانت الدليل القاطع على فقدانهم لأي شكل من أشكال الثقافة الديمقراطية و الحس المدني

كثير من الأحزاب في الدول العربية -التي تقول عن نفسها أنها ديمقراطية و من مطالبها الأساسية أن تكف السلطة عن التدخل في شؤون الصحافة و القضاء- تحولت بهذه المناسبة (الرسوم الكاريكاتورية) إلى أشد المطالبين لرئيس وزراء الدانمارك لمحاسبة الصحافيين و القبض عليهم. و عبثا توسّل و أقسم لهم هذا الأخير بأن لا سلطة له على الصحافة أو القضاء فلم يصدقوه
هل يعقل أن يكون ببلداننا أحزابا من مطالبها الأساسية حرية الصحافة واستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية و لكنهم لا يصدقون بأن أمانيهم متحققة في بلدان أخرى؟

لذلك فإن نجاح د. وفاء سلطان أو غيرها في نشر الديمقراطية مرتبط بمدى قدرتها على المساهمة في خلق جيل يفكر بطريقة غير تقليدية و ليس في مدى تعلق أو ولاء هؤلاء لها
أنا كقارئ سوف لن أكون سعيدا بأن يصبح كل قراء وفاء سلطان على رأيها إذ لا يمكننا المطالبة باحترام الاختلاف و التنوع و في نفس الوقت ننزعج منه و نعتبره بنادقا و تجريحا في حال ظهور من اختلف عنها. فإن كان من حق كاتب ما الإمساك عن نقد الآخرين طيلة عمره الكتابي فإنه من حق الآخرين اعتبار النقد آلية ضرورية لتطوير الإنتاج المعرفي و تربية الأجيال على حق الاختلاف. إنه في الثقافة الإسلامية فقط -حيث يتوحد العابد بالمعبود- يعتبر الاختلاف بمعزل عن مضمونه جريمة قائمة الذات
إن ما ورد في رد د.سلطان على د.بن سلامة هو بامتياز من داخل الثقافة الإسلامية وبمصطلحات هذه الثقافة حتى و إن أصاب محمدا ما أصابه في هذا الرد

محمد نبي الإسلام
منقذ من الضلال
المؤمنون به في خدمته
ما قبل محمد كان جاهلية

الدكتورة وفاء سلطان
منقذة من الغرق
قراؤها توحدوا فيها و توحدت فيهم
أول من قالت الإسلام هو المشكل


كما أن من خصائص الثقافة الإسلامية تكفير المخالفين و نعتهم بجميع النعوت (قردة، أحفاد الخنازير) وَلـَيّ عنق الحقائق و اختلاق موضوع اختلاف و ترك الموضوع الحقيقي جانبا.
فالقارئ الموضوعي لرجاء بن سلامة و وفاء سلطان يدرك دون عناء اختلافا في المقاربات لمسألة مقاومة نفوذ الفكر الديني في المجتمعات العربية إذ أن وفاء سلطان تعتبر أن أنجع طريقة هي مقاومة الإسلام و مثله الأعلى محمد و تعتز بأن لديها السبق في ذلك و هذا مجانب للحقيقة
فالسيد صادق جلال العظم حوكم بتاريخ 17/12/1969 بالتهمة التالية "تطرق المدعى عليه صادق إلى الأديان السماوية عامة وإلى الدين الإسلامي خاصة و ضمن أبحاثه تشكيكا في هذه الديانات وتجريحا وتهكما"
و قد تقول الدكتورة أن السبق الذي تتحدث عنه هو أنها قالت "الإسلام هو المشكل". إن صادق جلال العظم، فرج فودة، حسين مروة، طه حسين، العفيف الأخضر، نوال السعداوي، سيد القمني، بسام درويش، عبد الرزاق عيد و غيرهم كثيرون تناولوا هذه القضية بالبحث معتبرين أن الإسلام هو المشكل لكن وفق مقاربات مختلفة و كثير منهم دفع حياته ثمنا لذلك و آخرون هجّروا من بلدانهم مثل حامد أبو زيد أما المشترك بين جميع هؤلاء في مقارباتهم هو أن الإسلام السياسي هو المشكل وإن من يريد رفع القداسة عن الإسلام هي الحركات الإسلامية المطالبة بأن يكون الحكم إسلاميا. و هذه المقاربة هي التي تضع الحركات الدينية في مأزق و لذلك لجأت لكل أساليب الإرهاب و قتلهم في شوارع دمشق و القاهرة وبغداد
و الحركات الدينية تسعى جاهدة إلى تقزيم هؤلاء المفكرين في مجتمعاتهم متهمة إياهم بالإلحاد و الخروج عن الملة، يعني ببساطة أن هذه الحركات جعلت من الإلحاد موقفا سياسيا و هذا الموقف هو الذي يخدم مصالحها في حين أن معارضي الحركات الدينية مشكلتهم مع الإسلام حين يصبح هذا الإسلام سياسة.
أما أن تعتبر د.سلطان أن أصحاب هذه المقاربة، سواءا كانوا د.رجاء بن سلامة أو غيرها، مدافعون عن محمد و لم يخرجوا من جلدة محمد،
فذلك هو الوجه الآخر من الانغلاق عن الآخر.

الأحد، 22 أبريل 2007

Petite soeur, où es-tu ?


Des femmes cloîtrées, il y en a par milliers. Qu’est-ce que je dis ? Par centaines de millions. Mais des femmes qui ont du caractère et qui sont confinées en prétendant que c’est leur choix personnel, je n’en ai pas vues beaucoup. Une exception quand même, celle de ma petite sœur.

Elle était quelqu’un de très ordinaire : elle avait ses opinions, ses croyances, ses sauts d’humeur, ni excessivement portée sur la religion ni un penseur laïc. Bref, comme tout le monde.

Ma sœur a fait des études privées et mon père a bien investi dans ce projet. Elle a même décroché un job qu’elle aimait bien et qui la faisait vivre (non, là, je ne parle pas du côté matériel).

Pendant ses études secondaires, elle a connu quelqu’un et elle a vécu une histoire d’amour qui a été couronnée par le mariage.

Une histoire banale comme tout qui se termine bien, dites-vous. Oui, mais voilà que avant le mariage, « on » prit la décision qu’elle ne travaillerait plus après. « Je ne conçois pas que ma femme travaille », a-t-on dit. « Mais oui », dit la belle, « je ne compte plus aller travailler, je vais m’occuper de mon foyer et chouchouter mon cher et tendre ».

La mariée était belle comme tout dans sa robe blanche avec une coiffure et un maquillage impeccables réalisés par des experts dans la question, des gens qui vous prennent en une journée ce que vous gagnez en un mois, et la mixité dans les cérémonies de mariage n’est plus une question à débattre dans le milieu où nous vivons.

Le lendemain du mariage, la nouvelle mariée vient rendre visite à ses parents avec son mari. Surprise sur prise, elle est voilée et n’a même pas un trait de khôl aux yeux. Une communication bloquée fut le résultat de cette rencontre. Ma mère qui n’a pas arrêté de faire ses prières depuis l’âge de treize ans et qui mettait un foulard sur sa tête depuis une belle lurette, était désorientée.

Depuis ce jour là, la bruyante, active, plaisante jeune fille a changé en une femme terne sans âme, qui n’a plus de sujet de conversation. Elle a perdu de sa spontanéité et de sa vivacité, elle a même rompu avec ses amis (et amies).

Un soir, pendant un moment d’honnêteté, de franchise, de lucidité et de colère, je suis tombée en sanglots sur l’épaule de mon mari. J’ai perdu ma sœur à jamais.

J’espère que vous me comprenez.

الخميس، 19 أبريل 2007

السياسة أم الدين؟




لاحظت أنّ عديد المدوّنين أو المتابعين لهذه المدوّنات بالتعليق تستفزّهم بشكل كبير الكتابة في مواضيع تتعلّق بالقرآن أو بالرسول. وهذه عيّـنات ممّا ورد في التعاليق "كيف تتجرّأ على نقد القرآن؟"، "كيف تتجرّأ على التطاول على رسول الله؟"، "كيف تنتقد مقدّسات ما يزيد عن المليار نسمة؟"...الخ

إذا أراد هؤلاء أن يكونوا صادقين في مطالبهم فإنّ عليهم مطالبة كل القائلين: "إنّ الدّين الإسلامي يشمل كل نواحي الحياة" بالكف عن هذا الادّعاء. و إذا لم تقع الاستجابة لهذا الطلب، فعلى المطالبين باحترام المقدّسات الخروج في مظاهرات عارمة (شبيهة بتلك التي ندّدوا فيها بالكاريكاتير) وإن لزم الأمر إعلان العصيان الدّيني (بدلا من المدني). لم ذلك؟

لأنّ القول بضرورة تدخّل الدّين في جميع شؤون الحياة (مثلما يقول القرضاوي والإخوان في مصر وتونس وفلسطين...) يعني بالضرورة رفع القداسة عنه. وذلك خاصة بالنسبة للقائلين بعدم تعارض الدين مع الديمقراطية وحقوق الإنسان

فاعتماد الدين كمرجعية أساسية للحكم وتسيير شؤون المجتمع يعني القبول بمعارضة لهذا النمط من الحكم. ومن مهامّ هذه المعارضة نقد وتقييم تجارب هذا الحكم عبر التاريخ. وبالتالي التعرض بالنقد للشّخصيات والزعماء الذين مارسوا السلطة ونقد المنهج الذي اعتمدوه لممارسة هذه الحكم ونعني بذلك الرسول وصحابته والقرآن

لذلك فمن الأجدر بالمنادين بعدم التعرض لمقدّسات ما يزيد عن المليار (لا أعلم من قام بالإحصاء وكيف تمّ ذلك) أن يقوموا بمطالبة الذين يريدون إقحام الدين في السياسة بمراجعة هذا المطلب لكي لا يتعرض القرآن والرسول للنقد

أمّا القول بأن الدين الإسلامي دين سياسة ودين علم وعدالة وتحرير عبيد وأنه أفضل الأنظمة السياسية على الإطلاق والى غير ذلك من هذه الهرطقة ثم المطالبة بعدم نقده لأن ذلك نيل من مقدسات الشعب وهويته فهذا يعد اعتداءا على أبسط مقوّمات العقل البشري

الأحد، 15 أبريل 2007

لا للشعوذة

في العدد الصادر بتاريخ 9 أفريل 2007 نشرت الصحيفة الإلكترونية دنيا الوطن المقال التالي "حليب الإبل علاج للكبد الوبائي و السرطان وأمراض القلب و الأوعية الدموية

يذكر المقال أن أخصائية علاج شعبي (لاحظوا هذا الاختصاص المتميّز) كشفت أن حليب النوق يمثّل علاجا للكثير من الأمراض المستعصية و تستند هذه الأخصائية إلى "تقرير طبي نشر بمجلة العلوم الأمريكية مؤخّرا" يؤكد فيه العلماء بأن عائلة الجمال وخصوصا الجمال العربية ذات السنام الواحد تملك في دمائها وأنسجتها أجســـاما مضادة صغيرة

لن أطيل عليكم فبإمكانكم أن تقرؤوا تفاصيل التقرير على موقع دنيا الوطن
ما أودّ الإشارة إليه في هذا المقال هو حضور عبارات من نوع "نشر بمجلة العلوم الأمريكية مؤخّرا" (الله أعلم أية مجلة علوم أمريكية و متى) و "لفتت إلى أخبار شبه مؤكدة من خلال التجربة العلمية" (ما معنى أخبار شبه مؤكدة؟) و "ذكرت دراسة متخصصة" (بديعة جدا هذه الدراسة المتخصصة التي لا تحمل اسما ولا عنوانا

سأكتفي من الخبر بهذا القدر و لكني سأنقل لكم البعض من تعليقات قراء دنيا الوطن و التي لاحظت أنها فعلا "بنّاءة" و قادرة على نقلنا نقلة نوعية بمقدار أكثر من عشرة قرون إلى الوراء

يقول أحد المعلقين "بول الإبل ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم والخنزير وبول الحصان مش مقرفين لأن بول الحصان يستعمل للماكياج أما الخنزير في الأدوية العادية
معلق آخر ذكر أن "التقرير لم يذكر بول الإبل فبول الإبل البكر معروف بأنه علاج خاصة لمرض الدم
و أضاف ثالث "حليب الإبل وأيضا بول الإبل ويسميه أهل البادية الوزر يشفي من عدة أمراض بإذن الله
بينما قال آخر "صلي الله عليك وسلم يا حبيبي يا رسول الله. صدقت ورب الكعبة

ما أستغرب منه هو أن هؤلاء لهم قدرة عجيبة على تصديق الإشاعات و الخرافات والإيمان بها و ربط كل ذلك بالموروث الديني
سأفترض أن الدراسة المذكورة قد توصلت فعلا إلى النتائج الآنفة الذكر، ما الذي يجعل 13 معلّقا من أصل 14 يقومون بربط عمليتين لا رابط موضوعي أو منطقي بينها: بين حليب النوق و بول الإبل من جهة وبين الدراسة و ما قاله الرسول من جهة أخرى؟
هل يحتاج إيمان المسلم إلى دراسات علمية حتى يَـثـبُـت أمام كل ما ثـَـبَت علميا و لم يَرِد ذكره في القرآن أو السنة؟
هل قام أحد بدراسة تتناول مقارنة بين النسب المئوية للأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة و الأشخاص المصابين بالكبد الوبائي و السرطان وأمراض القلب و الأوعية الدموية في مناطق مختلفة نوعيا: مناطق يستهلك أهلها لبن النوق بانتظام و مناطق لا يشرب أهلها لبن النوق بالمرة؟
بطبيعة الحال ليس بإمكاني الإجابة على هذه الأسئلة ولكن بإمكاني إيراد التعليق الوحيد على المسألة والذي بدا لي منطقيا أكثر من البقية وهو
الدّاء الذي ليس له دواء في هذه المجتمعات: الشعوذة والمغالطة وتزوير المعلومات. فلننتبه لما جاء بهذا المقال العجيب. فالسطر الأول ينبئنا أن مصدر المعلومات "طبيبة شعبية" ثم ليثق القارئ أكثر بهذه الشعوذة يقول المقال بأنها (الطبيبة المزعومة) استندت إلى "تقرير طبي نشر بمجلة العلوم الأمريكية مؤخرا". نعم لقد صدقنا ولم لا؟ فهنا ك مجلة علوم أمريكية واحدة وتاريخ نشرها مؤخرا. فلا حاجة لنا بمعرفة العدد التسلسلي للمجلة ولا بالصفحة ولا بتاريخ المقال والسبب أنها تتحدث عن دواء بالنوق العربية فقط. استر يا رب. أمريكا اعتدت على أوطاننا من أجل النفط وبعد نهايته ستعتدي علينا من أجل النوق العربية ذات السنام الواحد.

الثلاثاء، 10 أبريل 2007

إلى أين المفر؟


هربت من مشاهدة التلفاز منذ أن رأيت هذا الكاريكاتور والآن أخشى أن يخرج لي أحد هؤلاء -دعاة أمن الدين- من الكمبيوتر

الجمعة، 6 أبريل 2007

من المسؤول عن جنون هذه الأمة؟

النص التالي للدكتورة وفاء سلطان من موقعها الفرعي في الحوار المتمدن


تزعم أسطورة صينية بأن غولاً كبيراً تربع على قمة جبل وتربّص بقرية هادئة وديعة تغفو على سفحه. كلما خرج إنسان من بيته قاصداً عمله، كان هذا الغول يزمجر من عليائه فيلقي الرعب في قلبه ويرده على عقبيه. أخيراً، تحولت القرية بكاملها إلى وكرٍ حَشرَ الناسُ أنفسهم فيهِ يقتلهم خوفهم وجبنهم، وينهشهم جوعهم ومرضهم. كان زعيم القرية شيخاً مســناً جباناً لم يُؤتَ من الحكمة قدراً ولا من العلم نذراً. ولما عجز عن مواجهة الأمر لجأ إلى ساحرة تعيش في أحد الكهوف أملاً في أن يجد لديها حلاً. قالت الساحرة: آتني برجلين منكم كي أجعل منهما غولين عندئذٍ يصبح بمقدورهما أن يتحديا ذلك الغول، ولكن لن أخفي عنك سراً، إن باستطاعتي أن أحوّل الإنسان إلى غول لكنني لا أستطيع أن أفعل العكس، إذ ليس بمقدوري أن أجعل من الغول إنساناً! في الصباح الباكر، توجه شابان شجاعان إلى كهف الساحرة. ونامتِ القرية على زمجرة غول لتستيقظ على هدير غولين!!
في العدد 303 من صحيفة العالم العربي الصادرة في لوس أنجلوس كتب الشيخ بلال حلاق في سياق رده على سؤال: "بعض الناس وهم على غير الإسلام يكرمون الضيف ويغيثون الملهوفين، هؤلاء إن أسلموا يُكتب لهم حسناتهم التي يعملونها بعد إسلامهم وأعمال الخير التي كانوا يعملونها وهم على الكفر كالصدقة وقرى الضيف وإغاثة الملهوف والإحسان إلى الأرامل. أما إن لم يسلم فمهما كان يرحم المساكين ويغيث الملهوفين ويعطف على الأيتام فليس له شيء، فمن قال إنّ له ثواباً يكفر لأنه كذّب القرآن."
تعالوا نتخيل معاً رجلاً وضع في الفناء الخلفي لحديقة بيته برميلاً كبيراً لجمع القمامة، وكلما عثر في بيته أو في حديقته الأمامية على نفاية تشوّه جماله أو تلوّث نظافته، أخذها وألقاها في ذلك البرميل. قضى حياته يجمع قاذوراته دون أن يفكر يوماً بالتخلص منها أو أن يسمح لعامل التنظيفات بتفريغ البرميل. النفايات ستتراكم وتتخمر؛ ستنمو عليها الجراثيم والفطور فتنشر في الجو سموماً تعود لتدخل بيته من خلال النوافذ لتتسرب عبر الهواء إلى رئتيه ومن ثم إلى جسده كله. يُنهك المرض جسد ذلك الإنسان ويشـلّه دون أن يدرك أنه قد حفر قبره بيديه! ينطبق هذا المثال تماماً على الصحة النفسية والعقلية للإنسـان، حيث أن للعقل (القوى العليا الضابطة) حيّزان: حيّز الوعي وهو الحديقة الأمامية للبيت، وحيّز اللاوعي وهو الفناء الخلفي.
تستمد أية فكرة شرعيتها ومنطقها من قابليتها للتطبيق العملي والآثار الإيجابية لهذا التطبيق. عندما يتبنى الإنسان فكرة ـ أية فكرة ـ ويؤمن بها في ساحة وعيه، يحاول جاهداً تطبيق تلك الفكرة على واقعه، وعندما يستحيل هذا التطبيق لكون تلك الفكرة وهمية غير منطقية، يبدأ آنذاك الصراع في حيّز الوعي، صراعٌ لا يجد الإنسان له حلاً إلا بقلع تلك الفكرة من حديقة بيته الأمامية (حيّز وعيه) ثم إلقائها في حيّز اللاوعي (برميل القمامة في حديقته الخلفية) وتركهـا هناك. هو ينساها، لكنّها لا تنساه إذ تعود عاجلاً أم آجلاً إلى حيّز وعيه على شكل ضغوط وأمراض نفسية لتخرب جهازه العقلي فتحوّله إلى مريض منهكٍ عاجزٍ عن فهم وضعه وما آلت إليه حالته! عندما يزرع الشيخ بلال وأمثاله في عقل الطفل المسلم منذ نعومة أظفاره بأن الله لا يقبل صدقة أو إغاثة حتى ولو كانت لامرأة أرملة أو طفل يتيم لأنها صدرت عن إنسان غير مسلم، ما الذي يحدث؟!! يكبر هذا الطفل ليصبح رجلاً ملتزماً بدينه وتعليمات شيخه!. يتطلّب التزامه الديني (كأي رجل ملتزم بدينه) أن يرفض ما يرفضه الله.
هنا يبدأ الصراع!.. كيف يرفض إغاثةً من غير مسلم بينما هو يعيش عملياً على تلك الإغاثة؟!!.. أكله، شرابه، لباسه، دواؤه، لقاحاته، أسلحته، كتبه، معدّاته.. كلها مصنوعة بأيد غير مسلمة ولو رفضها لتاه في الصحراء لا يجد ناقة يمتطيهــا ولا خيمة يأوي إليها! لا يحمّل الله نفسـاً إلا وسـعها، لذلك لا يمكن أن يفرض سبحانه على مخلوق فكرة غير قابلةٍ للتطبيق الحياتي، وبالتالي فاقدة لشرعيتها ومنطقيتها، كي لا يشرخ عقل الإنسان ويفقده منطقه وصوابه. أمّا أن يقنع الله أتباعَ دينٍ بأنه لا يقبل عملاً خيّراً إلا منهم ثم يضعهم في حالة مزرية يحتاجون فيها إلى كل عمل خير من غيرهم فلا شكّ بأنه أمرُ يتعارض مع عدله وحكمته!! كيف يستطيع مؤمن أن يقبل ما يرفضه الله؟! "ســالك" طبيب يهودي أوجد لقاحاً ضد شلل الأطفال وحرر البشرية من براثن هذا المرض الخطير. لا يوجد مسلم في العالم إلا وتجري في عروقه جرعة من هذا اللقاح. لا يوجد بلد إسلامي في العالم يحضّر هذا اللقاح في مخابره؛ يصل إلينا جاهزاً ومجاناً من منظمة الصحة العالمية. لو رفضنا تلك الإغاثة باعتبارها من مصدر غير إسلامي، ناهيكم عن غيره من اللقاحات والأدوية، لحصدتنا الحمى الصفراء والجدري والطاعون والجذام وشلل الأطفال وغيرها..
طرحُ الشيخ بلال لا يقتصر على تلك الخطورة بل يتعداها ليصبح إرهاباً يشلّ عقل المسلم وقوى تفكيره عندما يقول: "ومن قال أن إنّ له ثواباً يكفرُ لأنه كذّب القرآن"! يتّخذ القرآن ذريعة كي يُثبتً صحة ادّعاءاته دون أن يشرح بالتفصيل في أيّة آيةِ وردت هذه الفكرة. إنه يدرك من خلال النظام العقائدي والتربوي القمعي السائد في البلاد الإسلامية بأن على المسلم أن ينفّذ دون أن يعترض ويُقاد دون أن يفكّر. لذلك، وبسهولة متناهية، يقحم القرآن في حديثه كي يفوّت على كل مسلم الفرصة كي يفكّر، أو يشكّ، أو يتساءل. هنا يزداد الإنسـان صراعاً مع نفسه ويختنق برميل قمامته بقاذورات رماها فيه هؤلاء السحرة لتعود بعد ذلك إلى حيّز وعيه بشكل ضغوط يعجز المسلم تحت وطأتها عن إقامة أية علاقة إنسانية ناجحة مع الطرف الآخر! كيف سنثبت للعالم بأن الإسلام دين تسـامح؟!! هل يستطيع الشـيخ بلال أن يسامح جاره غير المسلم وهو يؤمن في قرارة نفسه أنّ الله لا يسامحه حتى ولو أغاث امرأة أرملة أو تصدّق على طفل يتيم؟!!.. هل يستطيع أن يقبل ما يقول هو نفسه بأنّ الله يرفضه؟.. هل يســتطيع أن يرفض ما يحتاج إليه؟!.. إن الصراع بين الرفض والقبول وحده يكفي لصدع عقل المسلم، فهل يمكن أن تُبنى أمة سليمةٌ معافاةٌ من أناس ذوي عقولٍ متصدّعة؟..
العالم اليوم يسعى لأن يكون عائلة واحدة، كل فردٍ فيها معنيّ بقبول الفرد الآخر، ولذلك يحتاج المسلمون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى عقلائهم وحكمائهم ومفكريهم كي يسدّوا الطريق أمام هؤلاء السحرة وينقذوا الأمة من براثن غيلانها! لنصغِ إلى خطبة الجمعة في أي بلدٍ إسلامي لا على التعيين، ماذا نسمع؟! اللهمّ دمّر.. اللهم احرق.. اللهم اقتل.. اللهم رمّل.. اللهم يتِّم.. اللهم شـرِّد!.. ماذا يبقى لأمةٍ يتعسكر رجال دينها؟.. سـئِلَ بيكاسو مرة: ما سرُّ إبداعكَ؟ قال: قبل أن أهمّ بالدخول إلى مرسمي أخلع جسدي على عتبته كما يخلع المسلم حذاءه على عتبة مسجده.
لم نعد بحاجة إلى خلع أحذيتنـا!.. علينا أن نخلع أجسادنا.. أحقادنا.. أسلحتنا.. وندخله مجردين إلا من أرواحنا!.. يخاطب شاعر أفغاني طفله بقوله: "يا بني إنّ للحمام عيوناً جميلة.. "ولكن الصقور تملك السـماء.. "اقلع عينيك الجميلتين.. "وانبت لك مخالبــاً!" ولنا أن نتصوّر مستقبل أمّةٍ تصبح بكاملهـا مفقوءة العيون حادة المخالب!.. ربّوا الصقـور!.. لا أحد يستطيع أن يلومكم على ذلك، ولكن اتركوا للحمام عيونه!!
شــاعرنا محمود درويش يحثنا بقصيدته الجميلة: "للطلقة في صدر فاشستي سأغنّي.." لا، لن أغنّي.. قد أضطرُّ لأن أمزّق جسد عدوّي بالرصاص، ولكني قطعاً لن أغنّي لموته!! كنا أطفالاً نتزاحم في المناسبات الوطنية كي نردد مع فهد بلان أغنيته: "ونشرب دم الغاصب شرب.." أكثر من ثلاثة آلاف مواطن أمريكي لقوا حتفهم في عملية أيلول الإرهابية، فهل سمعنا طفلاً أمريكياً على شاشة التلفزيون، في البيت، في الشارع، أو في المدرسة يغني: ونشرب دم بن لادن شرب؟!.. طبعاً لا!.. قالها رامزفيلد وزير الدفاع الأمريكي ولم يقلها غيره. ربّوا صقوراً حادة المخالب كرامزفيلد ـ لا أحد يمنعكم ـ ولكن اتركوا لأطفالنا عيونهم الجميلة!!
دانيال، شاب أمريكي من اصل أرجنتيني، وهو صديق عزيز جداً لابني مازن، التحق بالجيش فور تخرجه من الثانوية العامة. ما زلت أذكر ولن أنسى لقاءه الأول مع ابني بعد غياب طال أكثر من عام. منذ ذلك الحين ومازن يذهب إلى محطة القطار مرة كل أسبوع للقاء دانيال وهو في طريقه لقضاء عطلة الأسبوع مع أهله. لاحظت مؤخراً فتوراً في العلاقات بين ابني ودانيال، فتوراً أثار حيرتي. لقد كان ابني يتأخر بالرد على الرسائل الصوتية التي كان دانيال يتركها له. بعد بضعة محاولات لمعرفة أسباب هذا الفتور قال مازن ونبرات صوته تعبر عن خيبة أمل: إنني أشعر بالأسف يا أماه. التحاق دانيال بالجيش قد جعل منه شخصاً مختلفاً كل الاختلاف. لقد تعسكر عقله. صار يقود سيارته بطريقة عسكرية. يأكل بطريقة عسكرية. باتت العلاقة معه صعبة. لأمريكا جيش قوي ومن حقها كما هو من حق كل أمة على سطح الأرض أن تجنّد بعد أبنائها لحماية وجودها وكيانها، ولكن كم سيكون حجم المأساة لو تحول كل طفل في المجتمع الأمريكي إلى دانيال؟!..
عندما فجرت فتاة فلسطينية يافعة نفسها أمام متجر يهودي، عثروا على رأسها في كومة بطيخ أمام المتجر وإحدى ساقيها في قسم اللحوم. لا يكفي الظلم وحده ـ مهما كان فظيعاً ـ أن يدفع الإنسان إلى قتل نفسه بتلك الطريقة الشنيعة وبمحض إرادته. وحدهم السحرة هم الذين يحولونه إلى غول!! لا يستطيع الغول أن يميّز بين عدوه وجاره عندما يختلف لأقل الأسباب وأتفهها مع هذا الجار. هل ميّز الغيلان في سوريا عندما اقتحموا مدرسة المدفعية وقتلوا مائتين من زملائهم؟.. هل ميّز الغيلان عندما فجروا سيارة مفخخة في حي الأزبكية بدمشق وأطبقوا بناية بكاملها فوق سكانها؟ هل ميّز الغيلان في صعيد مصر عندما اجتاحوا قرية الكشح وذبحوا واحداً وعشرين من العزّل الأبرياء؟ هل ميّزوا في الجزائر عندما بقروا بطون مائة ألف رجل وطفل وامرأة؟! طبعاًً.. لم يكن مبررٌ لوحشيتهم سوى كونهم غيلان!
كنت يوماً في طريقي من مشفى حلب الجامعي ترافقني زميلتي الدكتورة سمر الشايب وهي سيدة محجبة خلوقة مهذبة عندما صادفنا على بوابة المستشفى طفلين يتراوح عمراهما بين السادسة والتاسعة، كان يقبض كل منهما بيده على عصفور حي وينتف ريشه باليد الأخرى والعصفوران يزقزقان ألماً يستجيران ولا من مجير. أدرت ظهري من هول المنظر وغطيت وجهي بيدي بينما اقتربت سمر من الطفلين متوسلة: حرام عليكم يا أولاد!.. وجاءها الرد من كبيرهما فوراً: حرام عليك أنتِ أن تتجولي بين الرجال، عودي إلى بيتك وانقبري هنــاك! تركتُ سمر تجادل الطفلين وأسرعتُ إلى أقرب موقف باص لقناعتي المطلقة بأنني لا أستطيع أن أحوّل الغول طفلاً!! لا أعرف الآن مصير ذانك الطفلين لكني لن أستغرب إذا سمعت بأن أحدهما اقتحم بطائرة مدنية بناية تغص بالناس، والآخر ينط من كهف إلى كهفٍ في أفغانستان! لا، لن أستغرب ذلك، ولكني سأستغرب إن قيل لي بأنهما إنسانان طبيعيان يعيشان حياة أسروية متوازنة نفسياً وعقلياً وفكرياً.
كنّا حديثي العهد في أمريكا عندما كان ابني مازن يركض ـ تشجعه أخته فرح في الحديقة العامة ويصيح بأعلى صوته: ماما أرجوك أن تعثري لي على حجر كبير كي أضرب تلك البطة وأكسر رجلها. بعد مرور عامين على تواجدنا هنا، عثر الأطفال في حديقتنا على طائر ميت فأقاموا عليه مناحة. اضطررت وأباهم تحت ضغط حزنهم أن ندفن الطائر في حفرة صغيرة، وضعنا فوقها بعض الأزهار ثم وقفنا متشابكي الأيدي دقيقة صمت على روح الفقيد!
في أواسط الستينات كنت طفلة صغيرة وكانت حركة "فتح" قد ولدت لتوّها. طرح علينا المدرس سؤالاً: ماذا ستصبح في المستقبل؟.. وتعالى الصياح: فدائي.. فدائي.. فدائي.. لو ارتقى المعلم آنذاك بمستوى تفكيره قليلاً لأدرك خطورة المستقبل الذي كان ينتظرنا. لم يشأ أحد من الطلاب أن يصبح مزارعاً.. نسّـاجاً.. نجاراً.. خبازاً.. ممرضاً.. طبيباً.. معلماً.. مهندساً.. أو عامل تنظيفات. كبرنا وصرنا فدائيين (!!!) وها نحن نعيش المستقبل الذي انتظرناه. ازدادت رقعة الأرض السليبة اتساعاً.. ازداد جهلنا، جوعنا، عرينا، فقرنا، مرضنا، وتشرذمنا. تحولنا جميعاً في أعين العالم إلى غيلان. ما زال المعلم نفسه في كل مدرسة عبر وطننا المذبوح من الوريد إلى الوريد يطرح نفس السؤال ولكن دون أي جواب! وما زال الشيخ بلال يكرر نفس الهراء دون أي احتجاج؟ ثلاثمائة مصلي جلسوا أمامه يوم عيد المولد النبوي.. هو يخيط وهم يلبسون. لم يرتقِ أحد بينهم بمستوى تفكيره إلى حدّ السؤال!! زرع قناص واشنطن في الأسابيع الأخيرة الرعب في قلوب الناس في عاصمة أقوى دولة في العالم. لمدّة ثلاثة أسابيع والأطفال في المراحل الابتدائية محشورون كالسردين داخل صفوفهم دون أن يمارسوا أياً من نشاطاتهم. صرح ناطق باسم قطاع التعليم: ليس الخوف على حياتهم وحده هو الذي يدفعنا إلى إبقائهم داخل صفوفهم، بل الخوف أيضاً على عقولهم الغضة التي لا تستطيع استيعاب ما يجري من أعمال عنف في الخارج. نحاول قدر الإمكان أن نحوّل محور انتباههم ونُشغِلهم داخل الصف بقضايا تناسب أعمارهم ولا ترهق تفكيرهم.
في الذكرى السنوية الأولى لأحداث أيلول الإرهابية، نصح المختصون التربويون والنفسيون وسائل الإعلام بأن تقلل من عرض مناظر تلك الأحداث خوفاً على الصحة النفسية والعقلية للأطفال والتي أكدت الدراسات أنها تأثرت كثيراً تحت ضغط هذه المشاهد في العام الفائت. اجتاحت مجموعة من الشيشان مدججة بالأسلحة والمتفجرات مسرحاً في موسكو الأسبوع الماضي وهددت بقتل أكثر من ثمانمائة شخص جاؤوا للاستمتاع بالموسيقى والغناء. سلموا مفاوضيهم رسالة تقول: نقسم بالله العظيم أننا نحب الموت أكثر مما تحبون الحياة!.. ما الحكمة في أن نحبّ الموت؟.. لا يستطيع إنســانٌ أن يصل إلى قناعة بأن الموت أفضل من الحياة لو لم يمر يوماً في طريقه من طفولته إلى بلوغه على كهف الساحرة كي تعلمه كيف ينتف عصفوراً حياً ويكسر رجل بطة مسالمة، لينتهي بعد ذلك بتفجير طائرة للركاب أو اقتحام مسرح للغناء!!
لم يسئ أتباع دين في العالم إلى دينهم كما أساء المسلمون!.. بعضهم شوّه هذا الدين والبعض الآخر صمت حيال ذلك. والذين صمتوا ينقسمون بدورهم إلى فئتين: فئة صمتت لأنها تخاف وفئة صمتت لأنها تتفق مبدئياً مع الذين شوهوه، وكل من الفئتين مسؤول ومُدان!!
أصدرت السيدة كلينتون منذ عدة أعوام كتاباً بعنوان، It Takes a Village (نحتاج إلى قرية) أحدث ضجة في الأوساط الصحفية. عنوان الكتاب يعبّر عن محتواه وهو مأخوذ من مثل إفريقي يقول: نحتاج إلى قرية بكاملها كي نربّي طفلاً. يبدو أن السيدة كلينتون قد توصلت في كتابها إلى نصف الحقيقة إذ غاب عنها نصفها الآخر: ونحتاج إلى شيخ واحد كي نهدم قرية. "صوتي ليس عورة. أشــكر الله أنه أجملُ هبةٍ منحتني إياها السماء!"

الأربعاء، 4 أبريل 2007

Quelle éducation pour nos filles, nos adolescentes ?

Sur cet espace virtuel, je vais me permettre de raconter honnêtement et sans tabous quelque chose de très intime qui m’a permis dès mon jeune âge d’avoir des doutes par rapport à ce que pouvait me raconter les grandes personnes.
Voilà l’échange qui a eu lieu entre ma mère et moi un jour et qui est resté gravé dans ma mémoire jusqu’aujourd’hui :
- Maman, maman, c’est quoi cette tâche rougeâtre que j’ai là ?
- Oh ! heu… C’est parce que dorénavant tu vas devoir jeûner, faire le Ramadan.

Ma question, bien que me paraissant anodine maintenant, exprimait une angoisse envers l’inconnu d’une part et d’autre part une crainte de ce que pourrait être la réaction de ma mère.
Ceux qui étudient les émotions humaines vous assureront que le fait de se souvenir d’un événement bien ancré dans le cerveau de l’être humain est sûrement lié à une émotion très forte qui a accompagné ce souvenir.

La réponse que j’ai reçue n’a rien de surprenant ou d’inhabituel. C’était une réponse banale comme tout, mais elle était tellement décevante pour la petite adolescente curieuse que j’étais.
Donc, j’ai tout simplement obtenu une réponse qui liait deux choses entre lesquelles il n’y avait pas de lien logique :
Cycle menstruel => jeûner pendant le Ramadan et faire les prières.
Quelle équation constructive !

Je commençais à me demander : et celles qui n’étaient pas musulmanes alors ? Elles ne font pas le Ramadan, elles doivent être différentes, sûrement.
Heureusement pour moi, ce qui n’est pas le cas de toute adolescente née dans un milieu musulman, nous avions à l’époque un cours de sciences naturelles où nous étudiions l’appareil reproducteur.
J’ai compris alors que ce qui m’arrivait était tout simplement naturel, physiologique, et c’était d’ailleurs le cas dans le monde animal.

Mon cas était de loin meilleur à celui de plusieurs femmes ou jeunes filles qui m’ont depuis raconté leur premier contact avec leur vie d’adolescente en développement.
Une amie m’a raconté qu’elle n’a rien osé demander à sa mère par peur que ce qu’elle venait de vivre ne soit un châtiment divin pour des fautes qu’elle aurait commises et dont elle ne se souvenait plus.

Aujourd’hui avec le recul, je ne blâme pas ma mère car j’aurais pu avoir une réponse pire que la sienne telle que : « tu n’as pas honte de poser de telles questions ? »
Et puis, la mentalité de ma mère n’est que le résultat prévu d’avance d’une éducation où la fille n’avait pas le droit d’aller à l’école, même celle de jeunes filles. Bien qu’elle était une élève brillante en quatrième année primaire (les notes sur son carnet scolaire fièrement rangé représentaient pour elle un argument à qui voulait l’entendre), elle était obligée de quitter l’école parce que « ses formes commençaient à se faire voir ».

Aujourd’hui je la plains tout simplement et je promets au monde de ne jamais élever mes deux filles dans l’ignorance ou dans l’évitement de répondre à leurs questions. Et je suis certaine qu’à chaque âge correspondent les réponses appropriées.
Si jamais votre fille vous demande : « Maman, maman, c’est quoi cette tâche rougeâtre que j’ai là ? », cela voudra dire que vous ne l’avez pas préparée à affronter une question d’ordre psychologique très profond.
Essayez quand même cette réponse : « ne t’en fais pas, chérie, c’est ta vie de femme adulte qui se prépare. Cela devra arriver tous les mois et c’est tout à fait naturel… »

الثلاثاء، 3 أبريل 2007

صورة أم كاريكاتور؟

استفزّتني هذه الصورة و التي تشبه الكاريكاتور إلى حدّ بعيد و لم أقدر على ترك الفرصة تمرّ دون التعليق عليها

يبدو أن هذه الدرر المكنونة المتشحة بالسواد خائفة من أن تفتن الرجال المتواجدين بهذا المكان العام (مطار بإحدى الدول الأوروبية)، عسى إن رأوا وجوههن مكشوفة يصابون جميعهم بداء الحب من أول نظرة و بهوس يجعل كلا منهم غير قادر على التحكم في رغباته الحيوانية و يسعى إلى إشباع غرائزه بكل الطرق غير المشروعة.
لن يحمينا من هذه الطرق غير الجائزة شرعا إلاّ تمسّكنا بديننا من جهة و تحجّب كل من يمتّ إلى جنس الأنثى في عالمنا من جهة أخرى.

تخيّلوا هذا الحوار يجري بين اثنتين من المتصوّرات بعد سنوات، أقول "متصورات" لأنني أعتقد أنهن نساء والله أعلم:
- هذه أنا إلى اليمين وهذه فاطمة بجانبي.
- لا، هذه فعلا أنت و لكن هذه أنا بجانبك. انظري هذه فاطمة، إنها على يساري مباشرة. هل تذكرين هذه التي على اليسار تماما، إنها خديجة.

أما كان الأجدر بصديقنا المزهوّ بحريمه أن يحترم نفسه قبل أن يقف لالتقاط هذه الصورة التي تسيء للمصوّر وللمتصوّر و التي لا تؤكد إلا تخلفا ذهنيا أصيبت به عقولهم جميعا؟