أخذت الصورة من هذا الموقع
http://aurillaciufm.blogspot.com/2009/12/soutenez-la-formation-professionnelle.html
سنحت لي الفرصة بالأمس حضور اجتماع للأولياء في المدرسة الإعداديّة التي تدرس بها ابنتي. وقد كان الموضوع الأساسي في الاجتماع هو تداول نتائج التلاميذ بالمؤسّسة، إلا أنّه تمّ طرح العديد من المواضيع الأخرى التي تهمّ بشكل مباشر أو غير مباشر نتائج التلاميذ.
أوّلا حتّى يكون الإطار واضحا لفهم بعض ما سيرد في النص فإنني أتكلّم عن مدرسة إعدادية "نموذجية" في إحدى المناطق الداخلية "المهمّشة".
استعمال المعقّـفين هنا بالنسبة لنموذجية راجع إلى كون الشيء النموذجي الوحيد بالمؤسسة هم التلاميذ.
أما بالنسبة لمسألة التهميش فهو موقف إزاء هذا المصطلح الذي وقع استعماله حسب اعتقادي في الكثير من الأحيان خطأ، لأنّه لا يُهمَّش إلا من أراد ذلك لنفسه دون أن يحاول العمل على تغيير نفسه حتى تتغيّر الأشياء والممارسات من حوله.
من بين المواضيع التي طرحت والتي يخجل الإنسان أن تكون موضع نقاش في تونس في القرن الواحد والعشرين مسألة نظافة المجموعة الصحّية. هل تصدّقون أنّ ابنتي تخرج من البيت على الساعة السابعة والنصف صباحا ولا تعود إليه إلا بعد الساعة السادسة مساء وتتحاشى كلّيا دخول المجموعة الصحّية؟ طبعا ستصاب بأمراض الكلى ولكن من يأبه لذلك؟
المسألة الثانية التي تمّ طرحها وهي تفاقم ظاهرة العنف لدى التلاميذ، وفي واقع الحال لو كنت مكان أحد هؤلاء التلاميذ فإني سأكون عنيفة مثلهم وأكثر. يقضّي التلميذ بالمؤسسة عشرة ساعات يوميّا، هذا إن لم يكن مقيما، ولا يقوم بأي نشاط ثقافي أو ترفيهي. لا وجود في المؤسسة لتربية موسيقية أو مسرحية ولا لأنشطة رياضية خارج إطار حصتي التربية البدنية التي لا تمثّل حسب اعتقادي مجالا ترفيهيا. هذا عدى أنّ التلميذ مطالب بعدم النطق وقت الأكل وإلا تمّت عقوبته بإسناد إنذار لعدم الانضباط.
مسألة أخرى كنت أعتقد أنّنا تجاوزناها وهي ظاهرة العنف اللفظي الذي يمارسه للأسف بعض أعوان التأطير وبعض الأساتذة. أهل يعقل أن يدعو أستاذ تلاميذه بالمتخلفين أو أن يقول لهم: "أنتم بهايم ما تفهموش"؟
العديد من الأولياء طرحوا مسألة الدروس الخصوصيّة كذلك، وللأسف يبدو أن طريقة طرح الموضوع فيها تناقض صارخ. فهؤلاء الأولياء يشتكون من كثرة عدد ساعات الدراسة وعدم وجود أنشطة تثقيفية وترفيهية ثمّ يطالبون المدير بتوفير الدروس الخصوصية للتلاميذ في المدرسة الإعدادية عشية يوم الجمعة أو السبت. التناقض الآخر حسب رأيي يتمثل في أن أغلب الأولياء يشتكون من تمييز الأساتذة للتلاميذ حسب حضورهم للدروس الخصوصية كما يتذمّرون من الأساتذة الذين لا يبذلون مجهودا كافيا خلال حصص التدريس ويعوّضون النقص الحاصل خلال هذه الدروس نفسها.
الإشكال الكبير يتمثل حسب رأيي في أنّ هؤلاء الأولياء هم أنفسهم يساهمون في هذه المعضلة لأنّه لو امتنع كل منهم عن توفير دروس خصوصية لفائدة منظوره لدى الأستاذ الذي يدرّس نفس القسم لتقلّصت المشكلة ولو أن كل ولي درّب ابنه أو ابنته على الاعتماد على ذاته(ا) لما كان هناك إشكال أصلا.
وبطبيعة الحال لم يخلُ النقاش من التعرّض إلى المعايير التي يقع اعتمادها في انتداب الإطار التربوي الذي يعمل بالمؤسسة والتي لا وجود لها، وإلى ظاهرة غياب بعض الأساتذة وإلى عدم كفاءة البعض الآخر. ولكم أن تتصوّروا الحدّة التي قوبل بها النقاش من بعض الأولياء الذين هم بدورهم أساتذة والذين رفضوا أن يكون الأستاذ موضع شكّ أو اتهام.
كلّنا نعلم أنّ بعض الأساتذة تنقصهم البيداغوجيا اللازمة في العمل كما نعلم أن من بين الأساتذة من يتغيب دون ضرورة ملحّة أمّا البعض الآخر فهو يتعامل مع ابن فلان وعلان بشكل مختلف عن طريقة تعامله مع كافة التلاميذ. أقول هذا للأسف رغم أني أنتمي إلى الإطار التربوي. ولكنّنا إذا لم نر عيوبنا لا يمكننا أن نخطو إلى الأمام.
هذا المنطق، منطق "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" يساهم بشكل كبير في تردّي الواقع التربوي ببلادنا وخاصة في المناطق التي تتبع في تعاملها مع الأشياء أسلوبا عشائريا بدائيا يدفعها إلى نصرة الأشخاص قبل المبادئ.