الخميس، 17 نوفمبر 2011

من حكايات هذا الزمان

أوقف علي سيارته أمام القباضة ونـزل لقضاء شأن من شؤونه وعندما عاد إلى سيارته قدم إليه شخص، ولنسمّه عمر، وقال له: "أعطني ستمائة مليم."
سأله علي: " مقابل ماذا؟"
فردّ عليه: "مقابل مأوى السيارة"
"ولكن هذا المكان ليس مأوى بمقابل." احتجّ صاحب السيارة.
"اسمع، أنت ركنت سيارتك هنا ولذلك ستدفع لي ستمائة مليم"
"اسمع أنت، لو طلبت مني مالا لأنك في حاجة إليه لفكّرت في أن أقدّمه لك، ولكن أن تقول لي هذا حقك مقابل مأوى لا وجود له في قانون البلدية، فأنا سأمتنع عن الدفع"
وفتح علي باب السيارة وتوجّه لركوبها ولكنّ عمر أحضر معه رجلين قويّي البنية تبدو الشراسة على ملامحهما وقالا لعلي: "لن تغادر هذا المكان قبل أن تدفع ستمائة مليم"
وكان علي قد صمّم أنهم لن يأخذوا منه مليما بدون وجه حق. وبدا واضحا أنه سيهمّ بركوب السيارة كما بدا واضحا للمارين قرب المكان أن الرجلين اللذين أحضرهما عمر سيعتديان على علي بالضرب. تجمّع بعض المواطنين في المكان وأخذوا يعاتبون عليا: "أعطه النقود، كلّ هذا من أجل ستمائة مليم؟ هذا مبلغ تافه وأنت ترى أن هذا المسكين بحاجة إليه"
وعبثا حاول علي أن يفهم الحاضرين أن الحكاية مسألة مبدأ. تبدأ بالتنازل عن حقوقك البسيطة ثم تليها الحقوق الأخرى وتتطوّر المسألة إلى أن يستبدّ كلّ دكتاتور كبير بدكتاتور أصغر منه شأنا وهكذا دواليك إلى أسفل الهرم الاجتماعي لأن أحدهم تنازل عن حق مدني.
صمت وأغلق باب السيارة وتوجّه نحو مركز الشرطة.

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

قناة نسمة والمؤامرة الإمبريالية الصهيونية ضدّ العرب والمسلمين

هذا النّص ليس مجالا للدفاع عن قناة نسمة ولا لإدانتها، بل يحاول أن يصف موضوعيا ما حدث في علاقة بفكر المؤامرة.


بثّت قناة نسمة مساء الجمعة الماضي 7 أكتوبر شريطا سينمائيا مشهور عالميا وهو شريط بلاد فارس "بارسيبوليس Persépolis.


هذا الشريط عبارة عن صور متحركة ويصف حياة بنت إيرانية الأصل اسمها مرجان قبل وأثناء وبعد الثورة الإيرانية لسنة 1979. وفيه ذكر لممارسات نظام الخميني في إيران بعد حصوله على الحكم. ومن بين هذه الممارسات: قتله للثوار الذين تحالف معهم ضد الشاه في بداية الثورة والذين كانوا يخالفونه الرأي واعتدائه على الحريات الشخصية للإيرانيين بعد الثورة ومن ذلك فرضه للحجاب المحكم على الإناث ومنعه للمواطنين من الاستماع إلى بعض أنواع الموسيقى ومنعه لبعض الكتب من الدخول إلى إيران واقتحامه للبيوت للتفتيش بسبب أمور شخصية بحتة.


إثر عرض الشريط احتج البعض من التونسيين وفي معضمهم سلفيين وهدّدوا بحرق مقرّ قناة نسمة لأنه حسب قولهم تم تجسيد الذات الإلاهية في الفيلم.


ما حدث هو أمر متوقّع ليس لأنّه تمّ التعرّض للذات الإلاهية بالتجسيد، ولو كان ذلك هو السبب الحقيقي لما وزّع هؤلاء أثناء الاحتجاجات مطبوعات تحمل نفس الصورة للذات الإلاهية المجسّدة، ولكن التوقّع مأتاه أنّ الفكر السلفي غير قادر على الدفاع عن المشروع المجتمي الذي ينوي بناءه بالإقناع وبالحجة فيتجه نحو المغالطة حينا ونحو العنف حينا آخر. وإني على يقين أنه لو تمّ بث الفيلم دون ذلك المقطع لكان وجد رغم ذلك نفس الهجوم الشرس.



في علاقة بفكر المؤامرة قرأت الكثير من النصوص والتعاليق التي تدين قناة نسمة لأنها بعرضها للشريط تكرّس مشروعا إمبرياليا صهيونيا يسعى إلى ضرب الثورة التونسية وإلى إعاقة الانتخابات. كما ذكر العديد أن هذه القناة تتلقّى تمويلا أجنبيا لهذا الغرض.


في تاريخ الشعب العربي الكثير من الأحداث التي لاقت مثل هذا التفسير السطحي لممارسات بعض الحكام والمواطنين العرب والمسلمين سواء كانت هذه الممارسات واعية أو غير واعية. يتمّ تفسير ما يحدث في العالم العربي الإسلامي بالمؤامرة عندما لا يريد الشخوص الأساسيون تحمّل تبعات ومسؤولية اختياراتهم أو عندما ترفض العامّة تحليل ونقد الوضع بمعطياته الأساسية.


فلنستنطق التاريخ:

عندما واجهت الدولة المصرية الجيش اليهودي بأسلحة قديمة وخسرت الحرب عزي ذلك إلى مؤامرة صهيونية ضدّ العرب. وبالطبع لم تتحمّل وزارة الدفاع المصري ولا رئيس الدولة المصرية مسؤوليتهم في اشتراء سلاح قديم وفي تقديم جنودهم قربان بشريا من أجل بطولة وهمية.


عندما خاض صدّام حسين حروبه ضد إيران في الثمانينات من القرن الماضي وخسر كلّ من الجانبين العراقي والإيراني الآلاف من الشباب والملايين من الدولارات، فسّر البعض ما حصل على أنّه من تبعات التدخّل الأمريكي في العالم الإسلامي، ولم يُتّهَم صدّام حسين بالاعتداء على جارته إيران من أجل مصالحه.


عندما هجم بن لادن على مركز التجارة العالمي بنيويورك بارك العديد من المسلمين هذا الهجوم ثمّ ما لبثوا أن "اكتشفوا" أنّه مؤامرة صهيونية محبوكة بدقّة ضدّ المسلمين في العالم.


عندما تدخّلت قوّات الناتو هذه السنة لمساندة الثوار الليبيين الذين قتـّلوا بالآلاف رأى الكثيرون في ذلك اعتداءً إمبرياليا صارخا على سيادة الدولة الليبية، وها أنّ نفس الأشخاص تستغرب عدم تدخّل القوّات الدولية لدرء المخاطر على الشعب السوري.


عندما تمّ تأجيل موعد الانتخابات في تونس من 24 جويلية إلى 23 أكتوبر 2011 بسبب أمور تقنية بحتة قال البعض إن الأنظمة الإمبريالية تخشى من تأسيس المسار الديمقراطي ومن وقوع انتخابات حرّة ونزيهة في تونس. وعندما تأكّدنا بالدليل المادي وبالممارسة أن المسألة التقنية تتطلّب فعلا وقتا إضافيا أصبح البعض يفسّر تجنّد المجتمع المدني من أجل إنجاح الانتخابات على أنه دليل على وجود أجندا أمريكية تتابع الشأن السياسي التونسي عن كثب.


و... عندما عرضت قناة نسمة فيلم بارسيبوليس، أعلن هذا المدّ الذي يفسّر جميع الأحداث بالمؤامرة أنّ نسمة تدعم المدّ الإمبريالي الصهيوني في تونس خوفا من نجاح الانتخابات.


متى نصبح نحن التونسيين نؤمن بدورنا في تحريك أحداث التاريخ سواء كان ما قمنا به يحظى بالنقد أو بالإجماع؟ وحده إيماننا بقوّتنا الفاعلة بإمكانه أن يحرّرنا من الأوهام. لماذا لا يمكننا أن نصدّق أن نسمة لها خطّ تحريري مختلف عن السائد في القنوات العربية وأنها تفعل ما بوسعها لإبراز هذا الاختلاف؟ أليس ذلك من حقها خاصة وأن ثورة تونس نادت بالحرية؟ أم يجب أن ننتظر ثورة أخرى حتى نؤمن فعلا بحرية الاختلاف؟




الاثنين، 22 أغسطس 2011

الوصايا العشر للقضاء على الفساد والاستبداد

1

الإيمان أن كل مواطن بإمكانه أن يكون طرفا فاعلا قبل أن يكون مفعولا به.

2

الإيمان أن الاستبداد لا يتجسّد في أشخاص بل في جملة من الممارسات التي يساهم فيها العامة عن جهل أو عن رغبة في قضاء مصلحة

3

الامتناع عن التمتّع بامتيازات يسمح بها المركز الاجتماعي وهي غير قانونية

4

الإيمان بأنّ الفساد لا يتجزّأ: عندما تحارب الفساد فأنت تحارب ظاهرة لا أشخاصا. ليس هناك مفسدون صغارا وآخرون كبارا بل هناك مفسدون يستغلّون مكانتهم كلّ من موقعه

5

الامتناع عن المزايدة بالوطنية وبالبطولات والإيمان بأنك لست الأفضل في مجالك ولكن بإمكانك دوما أن ترقى نحو الأفضل

6

الديمقراطية ليست هدفا ولكنّها ممارسة في إطار مسار يتطلّب مجهودا يوميا

7

الآخر المختلف ليس خطرا داهما والتعامل معه دائما ممكن

8

السكوت عن الحق يساهم في عودة الاستبداد حتى لو كان في دفاعك عنه دفاع عن موقف الخصم

9

عندما تبدأ بتغيير نفسك فإنّك بدأت بتغيير المجتمع

10

الامتناع عن التزلّف إلى أشخاص لأنّ مكانتهم في المجتمع حسب تقديرك مرموقة

الأربعاء، 17 أغسطس 2011

حزب البعث

كان الحديث ككلّ ليلة يدور حول الانتخابات والأحزاب وطرق عملها المشابهة لطريقة عمل التجمّع: تكريس منطق الولاء ومقايضة الذمم وترغيب الناخبين بالأموال والوعودالكاذبة وموائد رمضان عندما ذكر أحدنا اسم "حزب البعث" والذي سمعت أن البعض من المواطنين البسطاء لمدينة القصرين يدعونه بالعُـبّيثة ليس سخرية ولا تقليلا من شأن حزب عريق كهذا ولكن لعدم فهمهم لكنه هذه الكلمة الغريبة التي لم يسمعوا بها في أفضل الحالات إلا في القرآن.

وتساءل طفل عن معنى هذا الحزب حزب البعث. وتطوّع أحدهم ليقرّب من ذهنه الصورة فلم يجد أحسن من هذا التعريف: "هذا حزب ينتمي إليه أشخاص يعتقدون أنّه إذا تحادث اثنان من معارفه بهمس فهما يتكلّمان بشأن يخصّه هو بالذات" وأضاف آخر:"عندما يقسم أحدهم بأغلظ الأيمان أنه لا يرغب في هذه التفاحة وهو في قرارة نفسه يريد أن يأكلها ويريدك أن تتحايل عليه ليفعل ذلك فهو من حزب البعث." وأردف ثالث: "البعثيون أناس يقتلون مواطنيهم لأنهم لم يعودوا يحتملون الاستبداد ثم يلومون قوى الإمبريالية على ما وصل إليه حالهم."

وتساءل الطفل البريء: "هل هم مرضى نفسيون؟" وما زال المسكين ينتظر الإجابة.

الخميس، 12 مايو 2011

?Est-ce que le rêve tunisien peut devenir une réalité


Dans un ancien post qui date du 16/11/2008, j’ai formulé un rêve dans une lettre que j’ai envoyé à Martin Luther King. C’était juste après les élections présidentielles aux états unis

Aujourd’hui encore je me rappelle l’amertume avec laquelle j’ai formulé mon rêve car je n’espérais plus rien. A l’époque c’était une utopie, mais il valait mieux exprimer mes sentiments et ressentiments que de devenir dépressive

Je disais à M.L.K. que mon rêve se réaliserait dans les meilleures conditions peut être pour mes arrières-arrières petits-enfants. Et en 2008 l’ainé de mes enfants n’avait pas encore atteint 10 ans

Et j’enviais tellement ce citoyen américain, beaucoup plus jeune que moi, qui a jouit du droit de vote à 4 occasions tandis que moi qui a dépassé 40 ans considère les urnes comme les martiens : on en parle mais on ne les voit pas

A cette époque je me révoltais en silence ou sur mon blog des 99% du vote de la masse électorale pour un tyran

Mon rêve le plus cher était d’assister à un vrai débat démocratique et j’attendais que l’histoire me surprenne comme elle l’a fait pour M.L.K

Aujourd’hui que l’histoire a joué son rôle, je crains beaucoup plus ce qui va venir, beaucoup plus que sous la dictature de Ben Ali. Avant, je vivotais, je n’espérais plus. Aujourd’hui j’ai peur qu’une fausse manœuvre me réveille et que je découvre qu’après tout, ce que j’ai vécu depuis le 17 décembre n’était qu’une chimère

الاثنين، 9 مايو 2011

Le jeu du chat et de la souris dans la Tunisie de la révolution

Chaque fois que les émeutes reprennent, le gouvernement tunisien en place reproche au peuple tunisien son immaturité et son manque de responsabilité.

Et chaque fois que les tunisiens exercent une pression populaire variant entre sit-ins, grèves et manifestations pour revendiquer leurs droits citoyens, les forces rcdistes reviennent à la charge.

Un feuilleton qui dure depuis quatre mois et qui s'éternise dans un mauvais gout général. Le pouvoir en place fait semblant de ne pas comprendre et culpabilise les citoyens d'effondrements économique et politique imminents, mais on oublie que ceux qui ont fait la révolution n'ont plus rien à perdre et sont prêts à tout pour aboutir dans le processus révolutionnaire entamé.

Des deux côtés une ténacité exemplaire est maintenue : l'ancien pouvoir agonise lentement mais sûrement mais ne cédera pas ses prérogatives facilement.

الوضع العام في تونس بعد تصريحات الرّاجحي وبعد الندوة الصحفية للسّبسي

ما حدث في تونس العاصمة وفي بعض الولايات الأخرى على إثر تصريحات فرحات الراجحي، وزير الداخلية السابق الذي لم يحض وزير داخلية قبله بمثل شعبيّته، هو أمر متوقّع وغير مستغرب

وأهمّ النتائج المنتظرة والتي حدثت فعلا هي تلك الهجمة الشّرسة التي تعرّض إليها فرحات الراجحي إثر عرض أقواله على الملأ وهي هجمة لم يتعرّض إليها من الموالين للسلطة فقط بل كذلك من أشخاص يدّعون انتماءهم للمعارضة

هؤلاء يعيبون على الراجحي تصريحاته إمّا لأنّها "جاءت في وقت غير مناسب" أو لأنّها "غير مسؤولة" أو لأنّها "لا تعبّر عن رجاحة العقل كما يوحي به اسمه" أو لأنّها "لا تخدم مصلحة البلاد العليا". ويضيف البعض ممّن قرؤوا هذه الوضعية بهذا الشّكل أنّ الشّارع التّونسي اشتعل كأنّما كان ينتظر مثل هذه التّصريحات

النتيجة الأخرى المتوقّعة هو أن تعود مليشيات التّجمّع، والذي لا يزال الحزب الحاكم في تونس رغم كلّ المسرحيّات السّمجة التي توهمنا بعكس ذلك، إلى افتعال الفوضى وأحداث العنف، وأن تعود قوّات الأمن إلى استعمال العنف المادّي واللّفظي ضدّ المتظاهرين.

حالة الانفلات الأمني التي تعيشها تونس هذه الأيام تذكرني بالحالة التي مررنا بها إثر هروب بن علي

والجدير بالذكر في هذا الصّدد أنّه كلّما تشبّث التونسيون وبقوّة بمحاسبة رموز النظام السابق وبإقصاء التجمعيين من الساحة السياسية وبمساحة للتعبير السلمي وللإعلام الحر كلّما كثرت أحداث العنف والنهب والحرق والعصابات الملثّمة ليلا والتي لا يعلم أحد من أين تأتي. هذا التزامن في الأحداث لا يترك مجالا للشك أن التجمع بصدد الدفاع عن مكاسبه لأنه لن ينتحر ويسلّم نفسه للشعب حتى يحاسبه ويسائله هكذا بكل بساطة

وما ذكره السبسي في "الندوة الصحفية" التي عقدها بالأمس يذكّرني بالمسرحيات الهجينة التي كان يفرضها علينا بن علي مع عصابته الحاكمة والعصابة الموالية له داخل ما يسمى اعتباطا بالمجال الإعلامي. بعض الأسئلة لم تطرح حتى لا تحرج وزيرنا وبعض الأسئلة تمّت الإجابة عليها بنوع من الاستخفاف وبعض الأسئلة تمّ طرحها لطمأنة بعض البلهاء الذين ما زالوا يصدّقون الكذبة الكبرى التي يركبها السبسي نحو الديمقراطية المزعومة

طبعا السبسي يكذّب الراجحي لا يدين الأمن ولا يريد الخوض في موضوع لطيّف ويؤكّد للتونسيين بأن رشيد عمار ذهب إلى قطر لدراسة مسألة اقتصادية وبأن القناصة ليسوا إلا كائنات من إبداع خيالهم