الاثنين، 18 يونيو 2007

سقطت في الاختبار و… ربحت احترامي لذاتي


قامت إحدى الشركات بالإعلان عن مناظرة يقع على إثرها انتداب موظفين يتمتعون بكفاءة معينة للعمل بالشركة. و قد لمست في نفسي القدرة على الترشح لهذه المناظرة نظرا لتطابق المواصفات المطلوبة مع مؤهلاتي. تضمّنت المناظرة المذكورة اختبارا كتابيا أجريته بنجاح ثم تمّت دعوتي لإجراء اختبار نفسي تقني

وجدت نفسي يوم الاختبار أمام شخصين طرحا عليّ جملة من الأسئلة من نوع: قدّمي لنا نفسك، اذكري لنا مسيرتك الدراسية، قدمي لنا نبذة عن حياتك العملية، كيف تقضين أوقات الفراغ؟ ماذا تمثل لك العائلة؟ حدّثينا عن عائلتك، ماذا يمثل الزواج بالنسبة لك؟ ... أسئلة من النوع البسيط و مواضيع من النوع الذي قد تجد نفسك بصدد ذكرها مع أي كان

:كان من بين الأسئلة السهلة الممتنعة التي تمّ طرحها علي
"ما هو آخر كتاب طالعته؟"
لم يكن السؤال في حـد ذاته صعبا و لكن الإجابة عليه تطلبت مني لحظات مشحونة بالتفكير

كنت أذكر جيدا أن آخر كتاب طالعته في تلك الفترة هو كتاب "نقد الفكر الديني" للدكتور صادق جلال العظم، كما كنت أذكر جيدا الشعور الذي تركه فيّ هذا الكتاب، مزيج من الألم و الرفض و السخط و الإحباط و الغضب، و لم يكن بوسعي و الحال كذلك أن أذكر أيّ كتاب آخر طالعته في نفس الفترة سواءا لحنا مينة أو لتشارلز ديكنز

ما الذي جعل هذا السؤال ينزل عليّ نزول الصاعقة؟

كنت يومها شديدة الرغبة في تجاوز الاختبار لدرجة جعلتني أفكـّر: هل يرغب هؤلاء فعلا في معرفة عنوان الكتاب الذي طالعته أم في معرفة نوعية الكتب التي أقرأها؟
و ابتدأت تصوراتي الاجتماعية تعمل على تفهّم الوضعية: هؤلاء رجلان نشآ في بيئة عربية مسلمة، يعني في وسط كل ما فيه يشتغل عن طريق تفعيل مسلمات و بديهيات، يعني أشياء لا تـُناقـَش و لا تـُنقـَد و لا يجب التفكير فيها، و أنا امرأة كذلك من و في بيئة عربية مسلمة، هل مطروح على شخص مثلي أن يفكـّر و أن يقرأ كتبا تنقد الدين؟ لا. لماذا لا أذكر لهما رواية من روايات نجيب محفوظ أو مسرحية من مسرحيات توفيق الحكيم، لن تكون سوى نصف كذبة بما أني قرأت أغلب ما أنتجاه، بإمكاني أن أتباهى أمامهما بالكم الهائل الذي قرأته من روايات آجاثا كريستي، لم لا؟

و دون وعي مني و جدتني أقول: "طالعت مؤخرا كتاب نقد الفكر الديني للدكتور صادق جلال العظم". و لكم أن تتخيلوا الراحة النفسية التي شعرت بها إثر ذلك. لماذا؟ لأنني ببساطة عبرت عن حريتي في أن أطالع ما أريده أنا و ليس ما يمكن أن يفرضه علي صاحب العمل
سأعيد هنا ما ذكرته سابقا: حريتك الشخصية تبدأ من الجزيئات الصغيرة، من التفاصيل الدقيقة التي تعيشها في حياتك اليومية، إذا فرّطت في جزء منها تتابعت الأجزاء كلها، و لن يَـبْـقَ بعدها لا حرية شخصية و لا حرية في التفكير و لا حرية في التعبير و لا في تقرير المصير

الخميس، 14 يونيو 2007

إذا كنت تؤمن فعلا بحرية التفكير و بحرية التعبير انشر هذا النص على مدونتك

نشر مصطفى النجار هذه الرسالة على مدونته و على موقع الحوار المتمدن كما نشرها مواطن سيتوايان و أنا بدوري أقوم بذلك و أطلب منكم أن تقوموا بالمثل


انفراد: نشر رسالة المدون عبدالكريم سليمان

انفرد بنشر رسالة المدون عبد الكريم سليمان المحبوس بتهمة إهانة الذات الإلهية والرئاسية ، على الانترنت ومدونة "من أنا" ، المنشورة بجريدة الدستور اليومية المصرية (السبت- 9 يونيو 2007). يقول عبد الكريم:مضى من الوقت الكثير ، منذ تمكنت من نشر آخر ما كتبت، ولم يكن الأمر بيدى ، فقد حوصرت من كل اتجاه، ووضعت تحت المناظير المدققة ، وحيل بينى وبين الاتصال بالعالم الخارجى دون قيود ، إلى درجة مصادرة الأقلام وحظر استخدامها_في بعض الأحيان_ من قبل من يتسمون بغباء غير محدود، ممن لا وظيفة لهم هنا ولا شئ يعنيهم سوى تكدير النفوس والتحكم في البشر وتعذيبهم وإذلالهم ، كنوع من تفعيل الجانب السادى في شخصياتهم المريضة، والذى في سبيل شغل إحدى وظائف هذا الجهاز الأمنى اللعين.وقد كان أكثر ما يؤرقنى أن يصادر أحدهم يوما ما كتاباتى ويحرمنى من نشرها، ولأننى أفضل دائماً أن أكون في موضع الفاعل ، فقد تعمدت التوقف عن المحاولة كما كان حالى في البداية تفادياً للمصادرة والانتقال لموضع ثقافة نفسي وأتحاشاه وهو موقف المحكوم المفعول به مسلوب الإرادة الخاضع بالقوة، حتى أتفادى إهانة بكرامتى التى يخدشها بشدة أن تصادر إحدى كلماتى أو أن يحال بينها وبين النشر خلافاً لإرادتى ، والآن عندما وجدت الفرصة قد منحت لى للتعبير عما يجول بخاطرى ، لم أتردد في خوض غمار المغامرة بالرغم من كل ما قد يصادفنى من مصاعب وعواقب قد تحول مستقبلاً _بينى وبين ما أخطط له الآن_ ولكننى لا أجد ما يكبح جماح رغبتى الفائرة بعنف وقوة داخلى بصورة لا مثيل لها ، لم تتكرر منذ عدة أشهر مضيتها مقيد الحرية.فرغم أساها ومرارة طمعها وقسوتها لم تغير تلك التجربة شيئاً من أمرى دون أدنى مبالغة أو تظاهر بالتماسك والقوة _بل إن شعوراً يغمرنى بأنها ساهمت في تمسكى بموقفى التى اضطهدت لأجلها وإصرارى عليها، وإيمانى بها، على الرغم من أننى لم أكن أتوقع أن تصل إلى هذه الدرجة من الحدة والقسوة، ويكفى أننى أطلعت عن قرب _وأنا الذى لا أصدق كل ما أسمع_ على بعض خفايا هذا العالم الوحشى، الذى تنعدم فيه احترام آدمية الإنسان، وتهدر كرامته بسبب وبدون، وتتحجر قلوب بعض البشر ، وتصاب أعصابهم بالسكتة، ولا يشعرون بقسوة وضراوة ما يلحقونه بمن يقعون تحت رحمتهم من ألم وعذاب ، تقشعر منع الأبدان، وتشيب له رؤوس الولدان.وقد كانت الشكوك تنتابنى كثيراً قبل أن أخوض هذه التجربة في واقعية العبارة المأثورة التى يوصف من خلالها الهدف من توقيع عقوبة السجن على من يرتكب خرقاً ما، وهى أن "السجن تأديب وتهذيب وإصلاح"؟ لأننى كنت أعرف الكثير عما مروا به خلال حياتهم دون ؟أن يعيد تأهليهم ويصلح من أمرهم ويهذب أخلاقهم، بل على العكس زاد سلوكهم الإجرامى بعد الإفراج عنهم أضعاف ما كانوا عليه، وكنت بسذاجة بالغة أعزو ذلك _مثل الكثيرين_ إلى أن هؤلاء مجرمون بالفطرة، وأن الجنوح أمر يتأصل في طباعهم لدرجة تحول دون إصلاحهم وتأهيلهم ، وقد كنت بذلك غافلاً عن أشياء كثيرة أدركتها بعد تعاملى عن قرب مع هؤلاء المساكين الذين وجدتهم ضحايا العنف والقهر وإهدار الكرامة، وهى الأمور التى تشكل أهم الأساليب المتبعة للتعامل معهم، من قبل الزبانية الذين تحولت السجون على أيديهم إلى مدارس كبرى تخرج دعات يومية من المجرمين المفرج عنهم والمرشحين دائماً للاستضافة في هذه الأماكن، لأنهم _ببساطة شديدة_ درسوا الإجرام وتشربوه، ليس فقط من زملائهم المجرمين، وإنما أيضا يعمقون دوافع الشر فيهم، ويأصلون رغبتهم في الانتقام والتشفى كرد فعل ، وما ينتج عن ذلك من دفعهم بشكل غير مباشر إلى معاودة ممارسة سلوكهم الإجرامى مرة أخرى.وقد مكثت لفترة لا بأس بها في المكان المخصص للمحكومين الإعدام_وجلهم شباب في مقتبل العمر، وهى العقوبة التى ثبت بجلاء فشل السلطات الاجتماعية الذريع في القضاء على الجريمة، فبدلاً من العمل على تقويم "الإنسان" المجرم وإعادة تأهيله، تنتقم منه وتزهق روحه، ظناً منا أن ذلك سيساهم في ردع الآخرين، ولكنها في حقيقة الأمر، تعمل على تحويل المجتمع إلى مجموعة من مصاصى الدماء، حيث يصبح الفرد قابلاً_مع الوقت_ للتحول إلى هذه الصورة عندما يجد أن إزهاق أرواح البشر قد أضحى _لدى السلطات الإجتماعية_ أمراً لا غضاضة فيه ، فبدلاً من التركيز على قدسية الحياة البشرية والتوعية بفظاظة إزهاقها، تعمد السلطات الاجتماعية إلى إعادة إرتكاب ذات الجريمة مع نفس المجرم الذى أوقفه وتمت محاكمته بسببها، لتسود ثقافة القتل والتعطش للدماء، ويصبح الفرد مؤهلاً لارتكاب هذه الجريمة لاتفه سبب ممكن، ونظرة واحدة على إحدى صفحات الحوادث تؤكد ذلك، والمثير في الأمر أن سجيناً من المحكوم عليهم بالإعدام في هذا السجن مختل عقلياً ويعانى البكم، ومع ذلك يظل في مكانه لا يبرحه منتظراً ساعة التنفيذ ، وهى حالة لا تزال موجودة لشاب في مقتبل العمر، ولا أعرف ما الذى يجنيه المجتمع جراء قتله، حتى إن كان خلله وبكمه قد حلا به بعد إرتكاب الجريمة ، حيث أن الهدف الأساسى للعقوبة _وهو تقويم المجرم وإعادة تأهيله_ ينتفى لأنه سيصبح عقب التنفيذ في خبر كان.على كل الأحوال أفادتنى كثيراً هذه التجربة التى أطلعتنى على ما لم أكن سأصدقه إن حدثنى أحد عنه، لأن الفكرة الرومانسية التى تداعت إلى ذهنى عقب اعتقالى نهاية العام قبل الماضى في سجن مزرعة طرة الذى يوصف بـ"سجن الخمس نجوم" جعلتنى أعمم التجربة وأتخيل أن كافة السجون المصرية تقع على هذه الدرجة التى تنفى معها كل أشكال الظلم والقهر ولا إنسانية المعاملة، ولكن "الحضرة" و"برج العرب" قد ساهما بشكل جذرى في تغيير هذه الصورة التى كادت أن تصيبنى بمرض "التنميط" الذى يدفع الإنسان لوضع الأمور على ذات المستوى دون أدنى تمييز.بل أكثر ما أصابنى بالغثيان تلك الطريقة التى يعامل بها النزلاء في سجن "الحضرة" _ولعلهم يعلمون هنا بذات الأسلوب_ فور ورودهم إلى السجن أو عودتهم من الجلسات، وكيف يتم انتهاكهم بدون تمييز للكشف عما إذا كانوا يخفون ممنوعات في "قناتهم الهضمية"!، ومع الأسف الشديد ،فقد كانت إدارة السجن تستسهل إجراء هذا التفتيش المعوى المهين في الوقت الذى يمكنهم فيه عرضهم على أجهزة الأشعة الموجودة بالفعل داخل السجن لهذا الغرض، ولكنهم لا يفعلونذلك مطلقاص ، بل يأخدونهم بالقوة إلى دورات المياه لممارسة هذا الطقس المهين، هذه التجربة وتفصيلاتها ودقائقها جعلتنى أشعر بالأسف العميق عندما قرأت خبر فوز مصر بأحد مقاعد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، وعلى الرغم من أننى أدرك جيداً أن الأمر كان متوقعاً لعدم وجود منافسة تذكر على هذه المقاعد الأربعة عشر التى تقدمت بها خمس عشرة دولة منها مصر، إلا أن السجل المصري الصارخ في مجال إنتهاك حقوق الإنسان كان من الواجب أن يخجل النظام من مجرد الحديث عن هذا الأمر فضلاً عن التقدم لعضوية هذا المجلس، ولكننا نعيش في عصر اختفى فيه ثوب الحياء وحمرة الخجل، ولا أعرف كيف حصلت مصر على أصوات 168 دولة ، على الرغم من أن قتامة سجل مصر في هذا المجال لا يخفى على أحد.واقعياً .. هناك من هم أسوأ ، لكن الإصرار الحكومى على عدم إيقاف هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والتى تتجلى بشدة في تعذيب المواطنين داخل السجون وأقسام الشرطة وهتك أعراضهم وملاحقة المتظاهرين ومصادرة الآراء وكبت الحريات يضع ألف علامة استفهام أمام ما حدث، خاصة أن وزير الخارجية المصري صرح فور إعلان النتيحة أن مصر ستسعى من خلال عضويتها في المجلس إلى إصدار تشريع دولى يجرم "إزدراء الأديان"، وقد احترت بين الضحك والبكاء، عندما قرأت ذلك على لسان وزير الخارجية الذي يستهل عضوية بلاده في هذا المجلس بالتصريح بنية النظام _المبيتة منذ فترة_ في العمل على انتهاك حريى التعبير عن الرأى والحرية الدينية واللتين تعدان من أهم الحقوق التى ينبغى أن يتمتع بها كل إنسان، وأنه سيعمل على فرض التعريف المصري لهذه التهمة غير المحددة المعالم_من خلال عضوية بلاده في المجلس_ على العالم أجمع ، مما يعنى أنه يهدف إلى فرض قيود أكثر على حرية التعبير وكذلك حرية التدين والاعتقاد، وهى الأمور التى ستكون في هذه الحالة متطابقة مع المقاس الحكومى المصري لحقوق الإنسان الذى أدعو الدول الـ168 التى أنتخبت مصر عضواً في هذا المجلس إلى معاينتها على الطبيعة في سجنى "الحضرة" و"برج العرب" وغيرهما ، كى تدرك كيف ساعدت دولة يتنكر نظامها لأبسط حقوق مواطنيه الآدمية إلى الجلوس الذى يفترض أنه أنشئ بهدف النهوض بحالة حقوق الإنسان في شتى بقاع العالم.والجدير بالذكر أن وزير الخارجية المصري بينما كان يحاول إيجاد تبرير لسعى مصر لإصدار تشريع دولى يحرم "إزدراء الأديان" خلال مؤتمر وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامى لم يجد ما يقوله سوى أنه لن يأتى بجديد إن صدر هذا التشريع، ملمحاً إلى قوانين تحريم معاداة السامية وإنكار الهولوكوست السائدة في بعض دول الغرب، ولا أعرف كيف أعلق على هذا الأمر بأكثر من التساؤل عن هذا التردى الذى يجعلنا لا نقلد الآخرين إلا في مساوئهم ولا نقتدى بهم إلا في أخطائهم وسقطاتهم ونقائصهم!!وفي ذات الإطار .. هل إذا طالبت إحدى الدولالأعضاء في مجلس حقوق الإنسان بإصدار تشريع دولى يجرم إنكار "الهولوكوست" تُرى هل سيتحمس له السيد أحمد أبو الغيط بنفس قدر تحمسه لمشروع "إزدراء الأديان..؟!" أم سيكون له في هذه الحالة رأى آخر؟!أسئلة أوجهها إلى وزير الخارجية المصري، وأتمنى أن تداعب أذهان من ساهموا في حدوث هذه المهزلة الدولية الصارخة التى تنتج عنها وصول دولة لا يحترم نظامها حقوق الإنسان إلى هذا المجلس الذى أنصح من الآن، وقبل أن تبدأ مصر ممارسة مهمة عضويتها فيه بتغيير اسمه ونشاطه حتى يصبح الأمر مفهموما ومقبولاً ومهضوماً ومستساغاً، وليكن "المجلس الدولى لقهر وتعذيب الإنسان"!

غرفة 5- عنبر21- سجن برج العرب

Thinking blogger award




Je remercie Massir qui m’a nominée pour le Thinking Blogger Award et c’est à mon tour de choisir cinq nominés parmi les blogs de mon choix. C’est une question assez difficile car je trouve que beaucoup de blogs m’incitent à réfléchir. Je ne serai pas assez éloquente pour justifier mon choix et je vais lister les blogs choisis dans l’ordre alphabétique.
Si vous acceptez la nomination, vous devez à votre tour nominer cinq blogs qui vous font réfléchir. En principe, un blog n'est nominé qu'une fois.

الجمعة، 8 يونيو 2007

النقد و الانتقاد

كثيرا ما تسترعي انتباهي العبارات التالية: "أنا أرمي من وراء هذا إلى النقد و ليس إلى الانتقاد" أو "بودّنا لو كان هذا النقد بنّاءا" ما هو الفرق بين النقد و الانتقاد؟ و ما هو الفرق بين النقد و النقد البناء؟

.ليس هناك ما يسمّى بالنقد و ما يدعى بالانتقاد. الاختلاف الوحيد بين المصطلحين هو في طريقة تقبلنا للنقد
مصطلح الانتقاد هو مصطلح يستعمله أصحاب الرأي الواحد الذين يؤمنون بالثوابت و بأن هناك مواضيع لا يجب الخوض فيها، و هي نظرة جاءت نتاجا للموروث الثقافي المرتبط بالمقدس في ذهنية هؤلاء. هذه الذهنية تحرّم كل ما يطرح نقاشا موضوعيا يحاول تفكيك المعطيات المتصلة بموضوع مقدس، وعندما أقول مقدسا فإني لا أعني بالضرورة دينيا

سأقدّم مثالا بسيطا كنت قد التجأت إليه في النص السابق. لنفترض أنك أردت نقد الوضع في العراق و أنك في نقدك هذا تعرضت إلى طرح الطريقة التي تعامل بها صدام حسين مع الوضع منذ 1990 إلى 2003، ثمّ تعرّضت إلى الطريقة التي تعاملت بها أمريكا مع الوضع الراهن ثمّ إلى السياسة الحالية في العراق، و خرجت بنتيجة مفادها أن جميع هذه الأطراف ارتكبت أخطاء في المسار الذي أدّى إلى الوضع الحالي. لنفترض أنك للوصول إلى هذه النتيجة قمت بطرح منهجي توصلت عن طريقه إلى تقييم الخطأ و الصواب، و في هذا الطرح سعيت إلى تسمية الأشياء بأسمائها عن طريق تحليل الوضعيات و الممارسات، عن طريق التشكيك في كل المعطيات التي لا صلة لها بالواقع الموضوعي، عن طريق إطلاق أحكام كانت هي النتيجة المنطقية للتحليل الذي قمت به، هل ستسمي عملك هذا نقدا أم انتقادا؟

يرى البعض أنك طالما لم تقدم بديلا للوضع بعد نقده فإن هذا النقد غير ذي جدوى، كما يرون أن نقد وضع "تجاوزه التاريخ" هو مضيعة للوقت لأنه لن يصبح عمليا ما دامت الظروف المكانية و الزمانية قد تغيرت
هذا رأي أحترمه لكني أرد عليه فأقول: إن هذه النظرة عائق من العوائق ضد تقدمنا الفكري و الحضاري. كيف ذلك؟
أولا، ليست هناك أحداث يتجاوزها التاريخ لأن التاريخ مسار، و ليس الوضع التاريخي منعزلا على ما قبله
ثانيا، ليس هناك شيء اسمه النقد للنقد. النقد طريقة للحكم على الأشياء من خلال استعمال منهج معين عن طريق التفكير المنطقي و التمييز بين الحالات المشابهة و المختلفة والنتيجة التي نتوصل إليها إثر نقدنا لوضع ما أو لفكرة هي أداة للتواصل و تختلف جوهـريا عن الخطاب السلطوي لأنها نتاج فكر حر. و حين أقول خطابا سلطويا فإني لا أقصد السلطة السياسية التي تحكم دولة من الدول، فالمعنى أشمل من ذلك بكثير. السلطة هي كل ما تنصّبه أنت بذاتك على نفسك و تعطيه شرعية ليتسلط على فكرك
و ما يتوصل إليه زيد أو عمر من خلال درسه لوضع ما أو نقده لطرح ما ليس ملكا له، بإمكان أي كان أن يضيف إليه أو يفنـّده أو ينقده

قاموس التخلف: النقد البناء

هذا النص مأخوذ من موقع إيلاف

GMT 15:45:00 2007 الثلائاء 1 مايو
أنور مغيث
النقد البناء تعبير يستخدم في الخطاب العربي المعاصر ليسلب من النقد كل فاعلية ويجعله متواطئاً مع استمرار التخلف الراهن.
النقد أول إشارات الانطلاق لتغيير الواقع المتخلف، ولهذا السبب ينبغي له أن يكون جذرياً يصل إلى الأسس التي يقام عليها بناء الواقع بأسره ولهذا السبب أيضاً ينبغي له أن يكون شاملاً يطول كل مناحي الحياة. وهذا النقد المطلوب يطلق عليه في العادة اسم النقد الهدام. ففي المحافل وعلى صفحات الجرائد وفي أجهزة الإعلام تصب اللعنات على النقد الهدام ويتهم أصحابه في العادة بتهم ثلاثة: الجحود فالناقد نسى فضل الدولة أو الحكومة أو أساتذته فيما وصل إليه. وثانيها هو التشاؤم حيث أن الناقد الكئيب والمكتئب يريد أن ينقل نظرته السوداوية إلى المحيطين به بالرغم من أنهم مزودين بالأمل وكلهم إقبال على الحياة. والتهمة الثالثة هي الاستسهال حيث أن الناقد لا يريد أن يكلف نفسه مشقة الفحص والتمحيص والدراسة الموضوعية ويقرر هدم كل شيء.
في مواجهة النقد الهدام يرفع كبار المسئولين شعار النقد البناء. ولعلنا نلاحظ أن هذه الكلمة يكثر استخدامها لدى ذوي المناصب الكبيرة وممثلي السلطة. فبعد أن يعلن أحد هؤلاء الكبار أنه طوال حياته كان ديموقراطياً لا يضيق بالرأي الآخر وأنه واسع الأفق يدرك أهمية النقد في إحداث التطور لا ينسى أن يؤكد أنه يقصد النقد البناء وليس النقد الهدام أو التجريح.
ولو حاولنا تحليل خطابهم لنقف على سمات هذا النقد البناء التي تسمح لنا بتمييزه عن النقد الهدام لوجدنا أنهم يميزونه بسمتين رئيسيتين: أولهما أنه نقد موضوعي لا يذكر السلبيات وحدها وإنما يذكر الإيجابيات أيضاً، وثانيهما أنه لا يكتفي فقط بإبراز المشاكل ولكن يقدم الحلول أيضاً. وهاتان السمتان كفيلتان بأن تنزعا من النقد كل فاعلية. فبالنسبة للسمة الأولى التي تفرض ضرورة ذكر الإيجابيات تفترض أن الناقد يصحح أوارق إجابات الطلاب في الامتحان أو عضو لجنة تحكيم يمر عليه المتسابقون أو أعمالهم وعليه أن يتسم إزاءهم بالإنصاف. إن النقد يختلف عن التقييم. والناقد إنسان يعاني أو يتحدث باسم من يعانون وليس دوره على الإطلاق ذكر الإيجابيات. فهذه الإيجابيات، إن كانت موجودة، ستجد من يتحمسون لعرضها والإشادة بها والمبالغة فيها. وحتى وإن لم تكن موجودة سوف يكون هناك من يختلقونها اختلاقاً بدافع النفاق والوصولية أو خداعاً لتكريس الشرعية. ولا تفتقر الإيجابيات على الإطلاق إلى جملة أو جملتين يقولهما الناقد في آخر خطابه أو مقاله بزعم الموضوعية، بل على العكس سوف يكون لذكر هذه الإيجابيات دوراً سلبياً لجدوى النقد.
فلو أخذنا على سبيل المثال كتاب "مقال في الحكومة المدنية" للفيلسوف الإنجليزي جون لوك وهو الكتاب الذي يحمل على الملوك الذين يقيمون شرعية حكمهم للشعوب على أساس الحق الإلهي ويبين مظالمهم ويفند مزاعمهم واعياً إلى ضرورة أن يكون الشعب هو مصدر السلطة وأن يكون رضاه هو أساس الشرعية. لو افترضنا أنه في نهاية هذا الكتاب ذكر لهؤلاء الملوك بعض الإيجابيات كأن يقول إنهم خلفوا تحفاً معمارية عظيمة مثل القصور والكنائس أو إنهم استطاعوا حماية أوروبا من هجمات الأجناس الأخرى. لفقد نقده كل قوته ولما كان له هذا الأثر المعروف في إطلاق مسيرة الديموقراطية والعلمانية في أوروبا. ومن هنا نأتي لفحص السمة الثانية التي تميز النقد البناء في خطابنا الثقافي وهي ضرورة تقديم الحلول عند الحديث عن المشاكل. وكلنا نعرف أن تقديم الحلول من شأن الخبراء والمختصين. أما النقد فهو مفتوح لكل مواطن. ولا ينبغي للإنسان حتى يشكو من صعوبة المواصلات أن يكون خبيراً في التخطيط العمراني، كما أن ولي الأمر الذي يلاحظ تدهور مستوى التعليم لدى أولاده أو المثقف الذي يريد أن يحذر من سوء عاقبة هذا التدهور التعليمي على مستقبل البلد ليس ملزماً بالعكوف على النظريات التربوية لاقتراح حلول يمكن للوزارة تطبيقها. وهكذا فهذه السمة الثانية التي تقتضي تقديم حلول عند إبراز المشاكل هدفها في حقيقة الأمر إسكات الأصوات وسلب حق النقد من المواطنين.
إن المواطنين في المنطقة العربية اليوم لا يطالبون بتحقيق الجنة على الأرض وليست مطالبهم نابعة من ميل إلى الطمع أو الترف. إنهم فقط ينظرون حولهم إلى باقي خلق الله ويشعرون أن قد آن الأوان لتتوفر لهم الحدود الدنيا من حياة إنسانية كريمة تليق بهم كبشر مثلهم مثل الآخرين. ولكن هذا المطلب البسيط يحتاج إلى الكثير والكثير من النقد الهدام.

الاثنين، 4 يونيو 2007

من أجل حرية التفكير و حرية التعبير

عندما يمسك إنسان ما عن الخوض في موضوع تمّ طرحه في أيّ فضاء للنقاش سواء كان ذلك حصّة للدرس أو حلقة نقاش أو عالم التدوين على الإنترنت فهو يعبّر عن موقف شخصي

و هذا الموقف يرجع إلى أسباب تختلف باختلاف الأفراد: بعض الأشخاص يفضلون الاستماع إلى الآخرين حتى تتكوّن لهم وجهة نظر، البعض الآخر لا يجد هذا الموضوع ضمن دائرة اهتمامه و البعض الآخر يخيّر أن يترك رأيه لنفسه إمّا لعدم الرغبة في الحوار أو لعدم اقتناعه بجدوى التحاور في الموضوع

و مهما كان القرار الذي يتـّخذه شخص ما إزاء طرح موضوع ما فهو قرار شخصي يدعو إلى الاحترام طالما لم يعبّر صاحبه عن استهتاره بالموضوع أو عن تهجّم مجاني

و لكن يبقى من حق هذا الشخص أن يعبّر عن رأيه إذا تبيّن صواب ذلك، فهو ليس جهازا يعمل بمجرد أن يقع الضغط على زرّ من أزراره، كما أنه و خاصة إذا كان يؤمن بحرية الفكر لن يمتنع عن إبداء وجهة نظره في أي وقت يرتئيه

مهما كان الموضوع المطروح فإنه من العسير تناوله بالدرس إذا كان عاما جدا. حاول مثلا أن تكتب عن "الحرّيّة" أو "التربية" أو "الدين" دون أن تحدّد إطارا للبحث في الموضوع، ستجد نفسك أمام خيارات قليلة: إما أن تسقط في تقديم عموميات و تكرار أفكار مستهلكة لا جديد فيها أو تسقط في التأريخ، أو في أفضل الحالات ستجد نفسك بصدد تحديد مفاهيم معيّنة و ذلك حتّى تتمكّن من الخوض في موضوع ما للنقاش و إذا ما فعلت ذلك فستكون أنت بذاتك الذي تطرح إشكالية للبحث، مع العلم أنه ليس بالأمر الهيّن طرح الإشكاليات

إذا توصلت إلى طرح إشكالية ما في خصوص موضوع ما فهذا يعني أنّك تحمل هاجسا معرفيّا يجعلك تفكّر. و عالم الفكر ليس متاحا لكلّ من يحمل قلما، لهذا تجدني مثلي مثل الكثيرين غيري أراقب و أتابع الأحداث و الواقع قبل أن تـُفرَضَ عليّ طريقة تفكير معيّنة. و هذا فرق (و هو ليس بسيطا) من الفروق بيني و بين أيّ فيلسوف أو عالم في مجال العلوم الإنسانية لديه قدرة على التفكير و التجريد و المضيّ قدما في عالم المنطق و الترابط المنطقي

إذا ما لمس شخص ما في نفسه قدرة على النقد، فذلك حسب رأيي أمر إيجابي لأنّه لولا النقد و تعدّد الآراء و الاختلاف لما تحركت عجلة التاريخ. و إذا ما لم نرحّب بنقد الآخرين على الأقل بمحاولة فهم المجال الذي تمّ فيه نقد فكرة ما (أقول فهم ولا أقول استجابة)، فإنّ ذلك دليل على عدم تهيّئنا لتغيير أساليب العمل أو لتطويع أفكارنا للمفاهيم الأساسية

هل يفترض نقدنا لفكرة ما أن نقدّم طرحا بديلا لها؟ ليس شرطا من شروط النقد تقديم البديل. بإمكان الجميع مثلا أن يلاحظ كم هي شائكة قضية العراق اليوم و بإمكان العديد من الأشخاص أن ينقدوا ظاهرة من الظواهر في هذه الدولة، لكن يتعذر على أغلبهم أن يقدّموا وجهة النظر المعجزة التي عن طريقها ستتمّ تسوية الوضع. عندما نقدّم نقدنا بخصوص مسألة ما فإننا نلتجئ إلى مخزوننا الفكري و المعرفي و الثقافي، بينما عندما نقترح حلاّ بديلا عن وضع لا نراه صائبا فنحن نبني نظرية، وهو أمر لا أرى أنّه ضمن حدود إمكانياتي

الجمعة، 1 يونيو 2007

أنا ...من أجل مغرب ديمقراطيته "كبيرة

دعا بيغ تراب بوي يوم 9 ماي 2007 إلى جعل يوم 1 جوان 2007 يوما للتدوين من أجل الدول المغاربية، و قد رحّب الكثير من المدوّنين بالفكرة و ذلك عن طريق إرسال تعاليق على مدوّنة بيغ تراب بوي أو عن طريق إشهار البانر المصاحب لهذه الحملة

إن فكرة الاتحاد و المطالبة به و التعبير عنه و البحث عن آليّات و طرق بنائه هي فكرة سوية في حد ذاتها، و الإنسان إذا آمن بأن في الاتحاد قوة فإنه لا يعلن عن اكتشاف نظرية في المعرفة، إنما قد يكون في اتحاد البعض من البشر حافزا له على خوض التجربة، وبدون إخضاع النظرية إلى واقع التجربة لا يمكن الجزم بجدواها و لا بعدم صلاحيتها

توقـعت منذ الساعات الأولى من اليوم أن أحضر مهرجانا للتدوين من أجل المغرب الكبير، خاصة و أن بيغ تراب بوي لم يفتأ يذكّر بقرب الموعد المنتظر. توقعت أن تتعدّد الآراء بخصوص مواضيع تطرح للمجادلة و أن تصاغ بعض الإشكالات الخاصة بدقائق الأمور و أن يشمل النقاش المسائل التي قد تبدو للوهلة الأولى بسيطة ثم تبيّن لنا تفاصيلها أنها ليست كذلك. و لكنني فوجئت بيد الواقع تهزّني بعنف و تخرجني من السبات

لست أنكر أن البعض القليل من المراسلات كان حافزا بالنسبة لي بعثني على التأمل، و أذكر من بينها بالذات مراسلة طارق الكحلاوي هنا و مراسلة مواطن "سيتيزن" هنا و مراسلة نادية من تونس هنا، و حين أذكر هذه الأمثلة فأنا لا أعني بالضرورة أنني أشاطر هذه الآراء إنما أجد أن هؤلاء كانوا نوعيين في طريقة تعاملهم مع الموضوع. في حين أن الكثير من المراسلات الأخرى قد سقط في التأريخ أو في ذكر العموميات

ما الذي يجعل نتائج هذه الحملة أقل من المأمول؟

منذ ابتداء هذه الحملة التدوينية لاحظت عدم حصر للموضوع من جانب صاحب الفكرة الأساسية ثم المساندين لها ممّا جعل فكرة ذات محتوى عميق تصبح عديمة الوضوح. كذلك لم يساهم أصحاب التعاليق المساندين لهذه الحملة في تحديد مواضيع للبحث أو للحوار، هذا يعني أنه لم يكن هناك برنامج تدوين واضح

إن تباين وجهات النظر حول موضوع ما يجعل الحوار حوله ثريا و لكن هذا لا يمنع من أن نحدّد منذ البدء: لماذا سيتم استعمال عبارة المغرب الكبير و ليس عبارة المغرب العربي و ذلك بشكل لا يبقى بعده لبس في أذهان المدونين؟ و إنني إذ أقول هذا فإني لا أحمّل بيغ تراب بوي المسؤولية في ذلك لأنه قد شرح هذه المسألة في أكثر من مناسبة

ما حدث هو أن الكثيرين قاموا بنفس الخطأ الذي تقوم به حكوماتهم: أرادوا القيام بإنجاز دون أن يتحدد المسار الذي يتماشى مع الإنجاز و دون المرور بمرحلة طرح الإشكاليات. ما لاحظته اليوم يجعلني على يقين أن انعدام وجود مجال لتعدّد الآراء و لممارسة الديمقراطية الفعلية في عالم الواقع يحتّم علينا أن نكون جزءا من العقلية السائدة التي تردّد جملة من الشعارات و الخطابات دون وعي