الاثنين، 30 يونيو 2008

حرية الفكر ضحية لهيمنة الاستبداد

فاخر السلطان
الحوار المتمدن 2008 / 7 / 1

يقال، وهو قول واستدلال الغالبية العظمى من أنصار الإسلام السياسي في الكويت، بأن فتح باب حرية الفكر والنشر والتعبير على مصراعيه سيؤدي إلى دخول أفكار فاسدة في المجتمع، التي من شأنها أن تتغلغل إلى العقول مما يؤدي بالنتيجة إلى فساد المجتمع. وهو باعتقادي استدلال باطل. فثقافة حركات وجماعات الإسلام السياسي في الكويت تستند إلى الهيمنة القائمة على الوصاية على العقول، لذا هي تسعى إلى أسر الفكر والتعبير في سجنها الكبير لكي تتحكم بما يجب أن يقال ويقرأ وينشر وما يجب أن يفكَّر فيه بالمجتمع. و بالمحصلة هي تستهدف قتل الحرية الحقيقية، لكنها لا تستحي من المشي في جنازتها. و المثير للدهشة أيضا أنها تزعم وجود سلبيات للحرية، لكنها لا تشير إلى آفات ثقافة الوصاية والهيمنة. فإذا كانت الحرية تجلب الفساد فإن الاستبداد يجلب فسادا كبيرا أيضا. وإذا كان إنشاء لجنة دراسة الظواهر السلبية في مجلس الأمة يستند إلى فهم ديني ضيّق لمعالجة أوجه الفساد الناتجة عن الحرية، فالأولى بها معالجة أوجه فسادها الناتج عن استبدادها وتضييقها على حرية أفراد المجتمع. فمواجهة آفات الاستبداد أولى من مواجهة آفات الحرية.ه

إن من الخطورة بمكان أن تستند ثقافة الوصاية والهيمنة إلى الدين، لأنه سيتم رفض أي نقد يوجه إليها، وسيكون ذلك بمثابة نقد موجّه إلى الدين. وهنا يكمن الخطر إذ سيصبح الاستبداد دينيا وستتلطخ سمعة الدين وستتهدد مكانته الروحية في المجتمع.ه

إن أعداء الحرية يربطون بين سلامة الجسم وسلامة المجتمع. فيعتقدون بأنه مثلما يجب منع وصول الأمراض والسموم إلى جسم الإنسان وأنه لابد أن نكون حذرين تجاه ما يمكن أن يؤذي أبداننا ويعرض سلامتها للخطر، يجب أيضا أن نكون حذرين تجاه سلامة المجتمع وأن نواجه ما يمكن أن يعرض أمن المجتمع الفكري للخطر. ه

قد يكون هذا الكلام صحيحا، لكن شريطة وجود إجماع على تشخيص ما يمكن اعتباره بأنه مضر وخطير على المجتمع. فالأفكار يجب أن تطرح، وإذا حصل إجماع على أن البعض منها يضر بالمجتمع، عندها يجب منعها. و هو أمر شبيه بأنواع الأغذية التي يُعتقد بأنها خطيرة على كل أفراد المجتمع ويجب منع دخولها إلى البلاد. و في غير هذه الحالة فإن الممارسات التي تعكس وصاية انتقائية على الفكر وسجنا للحرية والتعبير لأن مجموعة من الجماعات الإسلامية تعتقد بضررها وخطورتها على المجتمع لكنها لا تمتلك إجماعا على تلك المضرّة والخطورة، فإن تلك الممارسات لا تعكس إلا استبدادا مشينا.ه

إن ما يهدد حرية المجتمع وأمنه واستقراره قبل أي شيء هو أن تقوم مجموعة من الحركات والتنظيمات والجماعات، التي لا تعكس الإجماع في المجتمع، بفرض إرادتها ووصايتها وشروطها الاستبدادية على حرية الفكر والنشر والتعبير تحت ذريعة المحافظة على عادات المجتمع وسلامته. فلا يمكن لهذه المجموعة أن تصدر قرارات وصائية استبدادية تحدّد شكل الحرية التي يجب أن يسود وما يجب أن ينشر من أفكار وما يجب ألا ينشر.ه

إن المفكرين الغربيين في القرون الوسطى حينما طرحوا رؤيتهم حول دوران الأرض وسكون الشمس، تمت معارضتهم على أساس أن تلك الفكرة تخالف وجهة النظر الدينية السائدة في الكنيسة آنذاك، إذ بدلا من نقد تلك الرؤية وصفت بالجرثومة التي تهدد أمن المجتمع ولا بد من وأدها. وجميعنا يعلم بأن عملية الوأد لم تؤد إلى أي نتيجة، بل إن رؤية غاليليو في هذا الإطار انتشرت على نطاق واسع حتى أصبحت من أهم النظريات العلمية في العصر الحديث. بالتالي فإن التضييق على الأفكار والحريات بطريقة وصائية وإلغائية هي طريقة فاشلة. فمن الخطورة على سلامة المجتمع وحريته واستقراره أن تعتقد مجموعة من الناس بأنها وصيّة على الفكر والحرية، وبأنها هي الوحيدة التي لها حق تحديد الحق من الباطل، وبأنها هي التي تستطيع أن تكتشف مكامن الخلل في طريق الحرية بالمجتمع، أي تعتقد بأنها المطبخ الوحيد الذي يجب أن يصار إليه موضوعات الأفكار ومسائل الحرية، وكأنها تقول بأن الأغذية فاسدة قبل أن تصل إلى جميع المختبرات الخاصة بذلك.ه

إن المشكلة الرئيسية تكمن في أن جماعات الإسلام السياسي حينما تمتلك سلطة معينة وقوة خاصة فإنها تمارس سلطتها وهيمنتها ووصايتها على أمور الفكر وقضايا النشر والتعبير، في حين أن تلك الأمور يجب أن تصير إلى المراكز الفكرية الأكاديمية لا إلى قوى الهيمنة في المجتمع. فالصراع العلمي حول الأفكار والحريات هو الذي يجب أن يسود، في حين أن الصراع السياسي يجب أن ينأى عن الدخول إلى هذا المجال. فصراع الأفكار والحريات هو علمي ومكانه بين المتخصصين ووسيلته الرئيسية هي النقد، قبل أن يكون صراعا سياسيا سلطويا وسيلته هيمنة جهة على أخرى. لكن للأسف، نحن لا نسمح للمختبرات العلمية أن تخوض هذا الصراع بل نحيل الأمر إلى صراع القوى الذي نجد صوره في مجلس الأمة وفي لجنة دراسة الظواهر السلبية. ففي المختبرات العلمية يوجد النقد العلمي والصراع الفكري، حتى تنضج الرؤى إما لجهة قبول فكرة ما أو رفضها، في حين أن النصر في القاعات السياسية حول هذا الإطار الفكري العلمي هو دائما للأقوى وللأكثر هيمنة.ه

كاتب كويتي

الأربعاء، 25 يونيو 2008

الاسئلة الصادمة


ضمد كاظم وسمي
الحوار المتمدن
2008 / 6 / 26

قد يرى البعض إننا نطرح أسئلة مزعجة ، وصعبة وحرجة .. بل ومقلقة .. يخشى الكثير ملامسة تخومها .. لأنها تخوض في مجالات شديدة الخطورة وتقترب من مناطق الفتنة والبلبلة .. تلك المناطق التي يعمد النفعيون المتنفذون بغرض التعمية عليها .. ومنع الآخر من فضحها وتعريتها .. إن الأسئلة المزعجة التي تطرح اليوم إنما هي وليدة واقع مزعج حد النخاع .. فحاجاتنا الى الإزعاج في هكذا أجواء أصبحت مسيسة لأن ليست ثمة ما يمكن أن نخسره .. ونحن نرى شعبنا وهو يسير نحو قيامته ، ووطننا وهو في طريق الضياع من بين أيدينا !!!ه

ها نحن نرى العرش السلطاني يستقوي بمنطق القداسة .. هذا المنطق الذي لم نجن منه سوى المليشيات الباطشة .. والتكفير الذباح .؟. والسؤال الملح هنا يشير الى ضبابية منطق القداسة فهل أن هذا المنطق يعمل على (( لفط )) الوطن ؟ .. أم يعمل على تغييب مفهوم الوطن وسحق مفهوم المواطنة ليتحول الوطن الى جيوب عرقية وطائفية مشبعة بروح التعصب البدوية والجاهلية وتتحول المواطنة الى علاقة عنفية إجتثاثية إقصائية تطهيرية .. سياسياً وطائفياً وعرقياً ومناطقياً ... الخ . ؟
تجذير الأسئلة ودفعها الى الغرين الوعر .. وان كان صادماً لم نعتاده ولكنه أمر في غاية الضرورة والأهمية لأن ادارة البلاد منذ 9/4/2003 جاءت بأعتى أعدائنا المحتلين ليدخلوا بيوتنا ويكشفوا عوراتنا لأننا صرنا لانملك كسلفنا (( أبن العاص )) .. الا عوراتنا نتقي بها المنون .. وكم يصدق علينا قول الشاعر أبي فراس الحمداني :
ولاخير في دفع الردى بمذلة كما ردها يوماً بسوءته عمرو
وصرنا لانقاتل اعداءنا إلابسوءاتنا كما قال من قبل ابن المنير
ان ما رافق كل ذلك من ادلجة موجهة تنطلق من بؤر المقدس ( الدين ) لتخترق المنظومة الشعبية ووعيها البريء من خلال تركيزها على توظيف القلب وتدريبه على القبول والطاعة المطلقة مقابل تعطيل العقل أو قولبته آيديولوجياً لصناعة مجاميع بشرية مراهقة ومؤدلجة على أهبة الاستعداد للقيام بمهام أنتحارية لتصفية الأخر المخالف لمنظومة الأول الشمولية .. وهكذا كان منطق القداسة يؤسس للقواعد التي تناصب مفهوم الحرية الأنسانية عداءاً سافراً (( فكان أن خسر شبابنا حريتهم وتحولوا الى ألات تنفيذية مصمتة ، تعتدي على حريات الناس وحرماتهم وأفكارهم وعقائدهم ))ه
ومع وهن الدولة وهزالتها بعد تفكيكها على يد المحتلين والمتصدين للسلطة بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق صار (( الجامع أو المسجد أو الحسينية )) أخطر أجهزة التثقيف التي تروج للفكر الطائفي الألغائي بل كان الميدان الأكبر لتقاسم النفوذ في البلد بين السلطة ومليشياتها والمعارضة ومسلحيها حتى أن ما يجري في البلد يمكن تسميته بحرب المساجد بعد ان صار الجهاد حمل البندقية والانطلاق بها من جامع ما لضرب الأخر في جامع أخر ناهيك عن تدمير الجوامع والمزارات المتبادلة .. أما مواجهة المحتل فمتروكة لمعجزات السماء !!!ه

الثلاثاء، 24 يونيو 2008

Conversation sur le net

Un Etre Humain : Salut Mahéva, je peux parler avec toi ?

Mahéva : Bien sûr que oui. Je ne suis là que pour parler.

E.H : D’abord je voudrais savoir si tu es une femme.

M : Quelle question ! Homme ou femme, qu’importe ? Je suis un être humain, c’est tout.

E.H : Parce que sur tes posts, tu sembles avoir une force de caractère qui est plutôt masculine.

M : Je crois que la masculinité et la féminité sont deux phénomènes non inhérents à la nature humaine. Ils sont reliés à la socialisation. Tu peux faire l’expérience avec des petits enfants : essaie de ne pas leur apprendre des préjugés et de ne pas les orienter et tu verras que petites filles et petits garçons jouerons invariablement avec les poupées et les peluches et avec les ballons et les voitures.

E.H : D’accord, je comprends ton point de vue bien que je ne le partage pas. De quelle région de la Tunisie es-tu ?

M : Pourquoi veux-tu me réduire à une région ?

E.H : Je veux mieux te connaître, il n’y a pas de mal à cela.

M : Ce n’est pas ainsi que tu pourras me connaître. J’ai une âme qui dépasse de loin les appartenances régionales. Le Grand Tunis, le Nord-Ouest, le Sahel, le Jerid, les zones côtières et les régions de l’intérieur sont toutes des parties de la Tunisie, et toute la Tunisie n’est qu’une partie infime dans le monde où nous évoluons.

E.H : Là je te tiens, tes phrases dénotent d’un esprit communiste.

M : Tu ne comprends pas, je n’aime pas être catégorisée, étiquetée, classifiée. Communiste ? Nationaliste ? Islamiste ? Socialiste ? Bourguibiste ? Pourquoi veux-tu me compliquer la vie avec des limites de ce genre ? Je suis moi, c’est tout.

E.H : Tu me fatigues là. Tu as dit qu’on pouvait parler et tu ne veux rien me révéler. De quoi peut-on parler avec toi ?

M : Mais de plein de choses. Je peux te parler de mes rêves, de mes idées, de mes pensées, de mes ambitions. Et si cela t’intéresse tant, tu peux me parler de tes appartenances géographiques ou sociales.

E.H : OK, qu’est-ce que tu veux savoir à propos de moi ?

M : Non, je ne te poserai pas de questions moi. D’abord, je n’ai pas ouvert un bureau d’investigation policière, et puis, je ne suis pas du genre curieux.

E.H : Parle-moi de tes rêves alors.

M : Ce sont des rêves très simples et très grands à la fois : je veux être une citoyenne à part entière, je ne veux pas être traitée par mon appartenance de genre, de classe sociale ni par mes pensées vis-à-vis de la religion.

E.H : Parce que tu n’es pas croyante ?

M : Je crois que tu n’as rien retenu de cette conversation. On ne peut pas avoir des pensées et être sans croyances. Tout le monde a ses croyances sauf que les croyances des uns ne se confondent pas nécessairement avec celles des autres.

E.H : En quoi crois-tu ?

M : Je crois aux valeurs humaines, la justice, le respect de l’autre, le droit à l’expression, le droit à penser librement et sans contrainte, le droit à la vie, le droit au travail, le droit à la citoyenneté.
Je vais m’en aller maintenant, je me sens fatiguée par cette conversation.

الأحد، 22 يونيو 2008

في غلبة المجتمع الأهلي على المدني في العالم العربي

خالد غزال
الأوان
يدور سجال في العالم العربي منذ سنوات حول سبل تحقق الديمقراطية وشروط الدخول في الحداثة. يجري استحضار العقبات التي تنتصب في وجه هذا المسار، لا سيما منها العقبات البنيوية الداخلية. يشكـّل ضعف المجتمع المدني أو غيابه أحيانا حلقة أساسية في هذا المجال، كما تمثل سيادة وطغيان المجتمع الأهلي عنصرا مقررا في هذا السجال، وهو أمر يفتح على شروط تحقق المجتمع المدني والمعوقات التي تقف في وجه غلبته.ه

يفترض المجتمع المدني، أولا، الدولة كإطار سياسي تجد الأمة تعبيرها من خلاله. يطرح اهتزاز الدولة في الوطن العربي وتصدعها الراهن أسئلة حول أسس نشوئها وطبيعة تكونها. من المعلوم أن الهزائم التي منيت بها بعض الأنظمة وعجز غالبيتها عن تحقيق البرامج الإصلاحية الموعودة زعزعت مقومات الدولة العربية ، أنظمة و كيانات، ووضعتها أمام تحديات عسيرة كان أصعبها مدى قدرة الدولة على أن تبقى كيانا سياسيا مؤطرا لقوى المجتمع ولمؤسساته السياسية والمدنية و الأهلية. ويجد هذا الأمر تفسيره من خلال العجز عن بناء دولة بمعناها الحديث لحساب قيام سلطة مستندة إلى الأجهزة الأمنية أو إلى البنى التقليدية السائدة، مما يعني إعاقة لمسيرة تكون مجتمع مدني فاعل.ه

يشكل تجاوز المجتمع الأهلي المستند إلى مكونات ما قبل الدولة مقياسا لدرجة تقدم المجتمع المدني وبالتالي مسيرة الديمقراطية. ينعكس التصدع في موقع الدولة العربية انتعاشا متجددا لعناصر المجتمع الأهلي. فقد ورث العالم العربي بنى اجتماعية شديدة التنوع تمثل الانتماءات العشائرية والقبلية و العرقية و الطائفية أسس بنيانها السياسي والاجتماعي. تملك هذه البنى موروثات ثقافية وتقاليد تغرس جذورها عميقا في هذه البنى وتحدد اتجاهات الحياة السياسية والاجتماعية. تسببت مراوحة مشروع التحديث العربي وتراجعه في فوران هذه الموروثات وحلولها مقام الدولة في المهمات والقضايا العامة بحيث تحولت الملجأ البديل للمواطن العربي. نجم عن ذلك ارتداد المجتمع إلى أشكال من السلطوية القائمة على هيمنة فئوية أو فردية، و إلى تصاعد النبذ والتناحر بين هذه المكونات وغياب ثقافة التضامن والاعتراف بالآخر. وفي هذا الإطار انبعثت قضية الأقليات واتخذت حجما يؤشر إلى أخطار كبيرة في المستقبل. من الطبيعي في هذا المناخ أن تتراجع المؤسسات المدنية لتخلي الساحة إلى انتماء عضوي للفرد إلى طائفته أو عشيرته.ه

لم يكن غريبا في هذا السياق رؤية البنى الأهلية وهي تكتسح الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والجمعيات التي تشكل الأسس التي ينهض عليها المجتمع المدني ويفعل من خلالها. تعاني هذه المؤسسات في الأصل معضلة حرية عملها والقيود المفروضة عليها، وهو أمر مرتبط بحدود المساحة الديمقراطية المسموح بها في العالم العربي والمدى المتاح لها في تكوين حيز خاص لعمل هذه المؤسسات. تتجلى أبرز النتائج في ازدهار الأحزاب ذات الانتماءات الطائفية أو العرقية، وحجم اختراق الانقسامات المذهبية للنقابات والاتحادات المهنية وسيطرة الجمعيات الأهلية ذات الصبغة الدينية او الاثنية على مجالات العمل الاجتماعي. تقدم الاوضاع السائدة في لبنان والعراق امثلة فاقعة على هذه الوجهة، مع الإشارة إلى أن هذين البلدين ليسا فريدين في بابهما، لان الكثير من البلدان العربية تحوي نماذج مماثلة قابلة للانفجار عند أي تصدع في كياناتها او ازالة القبضة الديكتاتورية عنها.ه

تشكل المنظمات غير الحكومية ومعها المنظمات البيئية روافد مجتمع مدني قيد التكون. تواجه هذه المنظمات مشكلتين اساسيتين، الاولى في سعي السلطات القائمة الحد من استقلاليتها والعمل على التدخل في عملها او الحاقها بمؤسسات السلطة كليا او جزئيا، والثاني زحف البنى التقليدية للهيمنة عليها وتصنيفها فئويا. في كلا الحالتين يتسبب هذا التدخل في تقليص الحيز الخاص لهذه المنظمات وبالتالي تهميش دورها كمؤسسات مدنية.ه

يمثل الإعلام واحدا من عناصر القوة المفترضة والدافعة إلى تكون المجتمع المدني. كسرت ثورة المعلومات منطق الرقابة وتجهيل الشعوب بحقائق الممارسات السلطوية، وحصرت وسائل إعلام الدولة في مجال ضيق. تسبب اختراق الإعلام للحياة العامة والخاصة الى كسر الكثير من حواجز الهيمنة وساهم في ادخال الوعي السياسي إلى أوسع الفئات الشعبية، كما ساهم الى حد واسع في تفاعل قوى المجتمع العربي والتعرف على المشكلات القائمة فيه. على رغم هذا الهامش من الحرية المفروضة، ما زال في مكنة السلطة القائمة الحد من حرية هذا الاعلام ووضع قيود على تعبيره وفرض رقابة ما تزال ذات فاعلية على برامجه المخالفة للسياسات العامة. يطال هذا التدخل ما هو مسموح وممنوع بثه في وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة. وعلى رغم ان الانترنت بات يشكل وسيلة تملك حرية اكبر في استقبال المواد او بثها ويتيح تواصلا اكبر بين الجمهور العربي، الا ان السلطات تبتكر من الوسائل الرادعة دوما في اطار تحديد ما يجب معرفته من المواطن العربي. لكن الاعلام نفسه يلعب احيانا كثيرة دورا معيقا لتكون المجتمع المدني من خلال البرامج المكرسة لاعادة انتاج الثقافات التقليدية التي تستحضر العصبيات الطائفية والعشائرية والقبلية، وكذلك البرامج المحرضة على العنف والكراهية ورفض الاعتراف بالاخر.ه

وتحتل درجة التطور الاقتصادي اهمية كبيرة في نشوء المجتمع المدني وتقدمه. يشكل الفقر مادة معيقة لهذا النمو، لان الفقر ارض تزدهر فيها عوامل العنف والتطرف، كما يشكل موئلا لثقافات سياسية واجتماعية بعيدة عن منطق العقلانية. يشكل اقتران انبعاث موروثات ما قبل الدولة بارتفاع منسوب الفقر والامية في العالم العربي اخطارا تهدد بنيان الدولة وكيانها في كل قطر، فانهيار الدولة يشكل الخطر الاكبر على وجود وفاعلية المجتمع المدني ويضع مقدرات البلد المعني في قبضة البنى التقليدية.ه

وتبدو العلاقة شديدة الترابط اكثر من اي وقت مضى بين ثلاثة مكونات: الدولة و الديمقراطية والمجتمع المدني. يشكل العداء للدولة عنصر إعاقة لإمكان تحقيق الديمقراطية ونشوء مجتمع مدني. كما يؤدي اهتزاز الدولة او انحلالها الى سيادة سلطات اهلية وميليشيات تتسبب حكما في الغاء الديموقراطية والهيمنة على مؤسسات المجتمع المدني . وعندما يسود العنف في المجتمع وتهتز بنى الدولة يصبح عسيرا كل امل في تكون مجتمع مدني يتجاوز الموروثات الاهلية ويساهم في تحقيق الديموقراطية.ه

كاتب لبناني

السبت، 21 يونيو 2008

دَبّــرْ عليّ كانك صاحبي

هنا إذاعة "إنما المؤمنون إخوة" في برنامجكم الأسبوعي المفضّل: "الإسلام: لكل مشكلة حل و لكل سؤال جواب". معنا على الهواء مباشرة فضيلة الشيخ عبد المؤمن بن عبد الله و هو الذي سيتكفل بالإجابة على مكالماتكم الهاتفية و استفساراتكم فيما يخص الدين و الدنيا

المكالمة الأولى
آلو، عالسلامة
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته، تفضّلي.ه
أقرضت أخي مبلغا من المال و أنا في أمسّ الحاجة إليه، و قد علمت من والدتي أنّ أخي هذا قد باع بيته منذ أكثر من سنة و أنه قد أودع ثمنه في البنك، و لم يرجع لي مستحقاتي، و حتى عندما تحصّل على قيمة الفائض من البنك تصدّق به و لم يسدّد لي الدين المتخلّد بذمّته. ما حكم الشرع في ذلك؟
إن المبلغ المالي الذي تحصّل عليه أخوك من البنك هو مال حرام لأنّه من الربا، و كونه تصدق به فلا يحتسب له حسنة. و قد أصاب أخوك في عدم تسديده لدينك من أموال الربا لأنها أموال حرام. و قد قال الله في كتابه العزيز في الآية 275 من سورة البقرة: "الذين ياكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بانهم قالوا انما البيع مثل الربا واحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وامره الى الله ومن عاد فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون"ه
المكالمة الثانية
في لحظة غضب رميت يمين الطلاق بالثلاث على زوجتي و أم أولادي و أنا في أشد الندم على ذلك و أرغب أن أرجعها إلى عصمتي.ه
زوجتك عليك حرام ما لم تتزوج من شخص آخر و يتمّ البناء بها قبل أن تعود إليك.ه
يعني تتزوّج من شخص لا تحبّه و هي تنوي الطلاق مسبقا؟
هذا جواب الشرع في هذه المسألة و الله أعلم بالنيات.ه
و هل يمكن أن تتزوج و تطلق بسرعة حتى تعود لأولادها؟
ليس بإمكانها أن تتزوج ما لم تمر عليها فترة العدة "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء" الآية 228 من سورة البقرة.ه
و لكنها تستعمل وسائل منع الحمل فما الداعي لأشهر العدة؟
يا أخي أنت طلبت رأي الشرع في المسألة و ها أنا أجبتك

المكالمة الثالثة
أنا مسلمة و زوجي مسيحي. ما حكم الشرع في ذلك؟
لقد حرّم الله زواج المسلمين و المسلمات من غير المسلمين في سورة البقرة في الآية 221 ثمّ سمح للرجل المسلم بأن يتزوّج من المرأة الكتابية و ذلك في الآية 5 من سورة المائدة "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" و لم يسمح للمسلم بالزواج من غيرها من المشركات و لم يأذن للمرأة المسلمة في أن تتزوّج من غير المسلم، لذا فإن زواجك إثم و معصية و لن تكفّري عن ذلك ما دمت على ذمّة رجل لا يشهد أن محمدا رسول الله

المكالمة الرابعة
تزوّجت منذ عشر سنوات و لم أرزق بطفل و قد تبين من الفحوص الطبية أن زوجي غير قادر على الإنجاب. هل يمكننا أن نتبنى طفلا يدخل الفرحة إلى بيتنا؟
التبني حرام شرعا و ليس في هذا المجال إمكان للاجتهاد لأن النص الديني واضح جلي في هذا الشأن. فإما أن ترضي بما قسم الله لك أو تطلقي و تتزوجي من غيره و إن أبغض الحلال عند الله الطلاق
قال الله تعالى في سورة الأحزاب: "ادْعُوهُمْ لآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً"ه

نعتذر عن قبول مكالمات أخرى نظرا لضيق الوقت و نشكر السيد عبد المؤمن بن عبد الله الذي تفضل بالإجابة على تساؤلاتكم. و نظرا لكثرة الطلبات سنلتمس لدى إدارة المؤسسة أن يصبح هذا البرنامج يوميا لما فيه من فائدة عامة على كافة المؤمنين

الخميس، 19 يونيو 2008

رسالة إلى مكتب الهجرة لجزر الواق واق


حيث أنني أطمح إلى أن أكون مواطنة لا دابّة من دواب القطيع، و حيث أن هذا الحلم لن يتحقـق لي الآن و هنا

حيث أنني لا أنتظر تغييرا يذكر في بلدي أو في البلدان المجاورة في اتجاه الديمقراطية أو تعدد الأحزاب أو التداول على السلطة

حيث أن عبارة المجتمع المدني مفرغة من محتواها في هذه الربوع و الأدهى من ذلك أن لا أحد يكترث لذلك

حيث أني سئمت العيش بين أناس لا يتعلمون من أخطاء الماضي

حيث أن توقي إلى حرية التعبير و التفكير أكبر من توقي إلى العيش بين أبناء جنسي

حيث أنني أنثى و أنه في بلدي للذكر مثل حظ الأنثيين

حيث أني أؤمن بالإنسان أينما كان و لا أميز بين مسلم و وثني إلا بقدرته على استيعاب مفهوم الاختلاف و بقبوله للآخر المختلف

حيث انني أخشى ما أخشاه أن أتواجد في نظام تكون فيه السلطة الدينية هي الفيصل
حيث انني لا أريد رؤية عمار ال 404 بين الفينة و الأخرى

لجميع هذه الأسباب و لأسباب أخرى يعسر ذكرها أرجو أن تقبلوا مني مطلبي هذا للهجرة إلى بلادكم و أرجو أن يقيكم الله شرّ الاستبداد و الجهل و التخلف

الثلاثاء، 17 يونيو 2008

لماذا فشلت الحملة التدوينية من أجل الدفاع عن الإسلام؟


أعترف أن عنوان هذه التدوينة يحمل في حدّ ذاته موقفا و لكنه ليس موقفا انطباعيا بل هو يطمح بقدر الإمكان إلى الموضوعية و ذلك من خلال الاطلاع على الآراء المتباينة التي تم التعرض إليها في التدوينات و التعاليق المختلفة التي طرحت في صلب هذه الحملة و التي كان من بينها المؤيّد و المعارض و المناهض و المنساق وراء التيار و فاقد الرأي و المحايد، لذا فقد سعيت بقدر الإمكان أن أتعرف على الرأي و نقيضه قبل أن أكتب هذه السطور

قرأت ما كتبه عمروش و تيتوف و فرفر و إسلام آية و الشنفرة (كبارات الحومة محسوب) و غيرهم و تخلّصت إلى الآتي

أولا: إن طريقة طرح الموضوع في حدّ ذاتها كانت تفتقر إلى المنهجية فقد جاءت الحملة كردّ فعل على ما اعتبره البعض استفزازا لمشاعرهم الدينية، و هذا ما جعل المدونين المعنيين بالأمر يستجيبون "للاستفزاز" عوضا عن طرح مواضيع و ترتيب أولويات يتم الخوض فيها ببعض التعمق الفكري

ثانيا: إن التدوينات التي انبرت بشكل عام للدفاع عن الإسلام أعادت إنتاج نصوص قديمة و أفكار مستهلكة و لم تطمح إلى التجديد لا من حيث الأفكار و لا من حيث الشكل

ثالثا: لم يسع أصحاب هذه التدوينات إلى الإقناع أو إلى المقارعة بالحجة بقدر ما سعوا إلى ذكر عموميات و نصوص هي أشبه بالطريقة التي كان يُدَوَّن بها التاريخ قبل ابن خلدون، و لذلك كانت تدويناتهم مملّة أكثر منها باعثة على التأمل و التفكير

رابعا: إن هيمنة الفكر الديني على الفكر النقدي جعلت من هؤلاء المدونين يذكرون ما يذكرونه على أنه مسلمات و بديهيات غير قابلة للنقاش أو للدحض، و ذلك لأن المنظومة الفكرية التي ينتمون إليها غير قادرة على استيعاب مفهوم الاختلاف في الآراء

خامسا و هو الأهم: إن اعتبار نقد بعض المدونين للإسلام و للرسول على أنه حملة ضد الإسلام و المسلمين فهم مغلوط لأن هؤلاء يعبرون عن رأيهم و ذلك مثل قول اي مسلم عن عيسى ابن مريم أنه لم يصلب و مثل قول أي مسلم عن التوراة أنها محرّفة و مثل قول أي مسلم عن أي ملحد أنه سيخلد في نار جهنم

إن ذكر قيام الرسول أو أحد الخلفاء الراشدين لا يمكنه بحال من الأحوال أن يؤثـّر إيجابيا في إنسان ينظر إلى الإسلام من خارج منظومة الفكر الديني. كما أن "البراهين" التعيسة على عالمية الإسلام و على قوة الشخصية المحمدية بإعادة لوك ما ينتجه إعلاميو الجزيرة ليس بالحجج العقلانية أو العلمية التي قد ثؤثـّر بشكل ما في من يشكك بمصداقية هذه الشخصية التاريخية. و حتى في صورة ما إذا نادى فلاسفة الأنوار باعتناق الإسلام و بـسُمُوّ الذات المحمدية فهذا لا يلزمني بحال من الأحوال أن أحذو حذوهم لأنه إذا توصل مفكر ما إلى فكرة ما بعقله، فذلك شأنه الخاص و لا يمكن أن يمثل حجة ضد من لا يقتنع بأفكاره

و أخيرا فإن الله أقدر منكم جميعا على الدفاع عن دينه

الأحد، 15 يونيو 2008

خياران لا ثالث لهما‮.. ‬دولة دينية أم دولة مدنية

لعلنا اليوم لا نحتاج الى كبير عناء لنكتشف ان الصراع المفصلي‮ ‬الذي‮ ‬يمر به عالمنا العربي‮ ‬الآن هو صراع مشروعين لا ثالث لهما‮.. ‬مشروع الدولة المدنية ومشروع الدولة الدينية‮.‬ ومهما حاولت الاحزاب والقوى والتيارات التي‮ ‬تحمل لافتات وشعارات قومية او تقدمية‮ ‬يساريةً‮ ‬او ليبرالية ان تلتف على هذه الحقيقة وان تؤجلها بالذهاب وراء الهوامش وابرازها وتضخيمها وتصويرها بانها‮ »‬محور الصراع‮« ‬فإن الحقيقة التي‮ ‬لا تقبل الدحض تظل كما هي‮ ‬صراع‮ »‬المشروعين‮« ‬اللذين لم‮ ‬يحسم النظام العربي‮ ‬الرسمي‮ ‬والقوى الديمقراطية العربية التقدمية والقومية موقفهما منهما‮.‬ والذي‮ ‬لا‮ ‬يحتاج الى تأكيد ان الخلل والعطل الكبير الذي‮ ‬قوّض النظام العربي‮ ‬الى درجة الهشاشة المتهالكة هو وقوفه طوال تاريخه في‮ »‬المنطقة الرمادية‮« ‬وعدم حسم خياره ما بين الدولة المدنية والدولة الدينية‮.‬ ‮ ‬فظلت الدولة العربية في‮ ‬شكلها التقليدي‮ ‬او في‮ ‬شكلها‮ »‬الثوري‮« ‬هلامية‮ ‬غير محددة الهوية فلا هي‮ ‬بـ‮ »‬الدينية‮« ‬ولا هي‮ ‬بـ‮ »‬المدنية‮« ‬وانما اختارت‮ »‬دولة البين بين‮« ‬وهو ما انتج استراتيجية قرار‮ »‬الشيء وضده‮« ‬وخيار‮ »‬الشيء وضده‮« ‬وقوانين‮ »‬الشيء وضده‮« ‬وممارسات‮ »‬الشيء وضده‮« ‬في‮ ‬سيرة ومسيرة دولتنا العربية او ما‮ ‬يسمى بالنظام العربي‮ ‬الذي‮ ‬خلق مأزقه بنفسه ولنفسه وقاد نظامه الى انسداده التاريخي‮ ‬بسبب ذهنيه عدم الحسم في‮ ‬اهم خيار واهم مسار للدولة العربية التي‮ ‬تلكأت وترددت فتفسخت وتفتت قواها وركائزها‮.‬ واذا كنا نفهم سر‮ »‬لعبة اللاحسم‮« ‬التي‮ ‬اختارها النظام العربي‮ ‬حيث استثمر هذا الموقف المتأرجح لدولته ما بين الدولة الدينية والدولة المدنية لادارة نظامه باللعب على تناقضات القوى والتيارات والتنظيمات والاحزاب وهي‮ »‬لعبة‮« ‬اكتشف البعض خسار الرهان عليها متأخراً‮ ‬فيما لايزال البعض‮ ‬يراهن عليها دون ان‮ ‬يأخذ العبرة والعظة من تجارب الآخرين‮.‬ فإن المثير للدهشة حقاً‮ ‬هو انزلاق القوى العربية التقدمية والديمقراطية بمختلف‮ ‬يافطاتها الى‮ »‬تبرير‮« ‬والى‮ »‬تمرير‮« ‬مشروع اصحاب الدولة الدينية بما نراه من تنازلات ومن تحالفات ومن تفاهمات وتوافقات منسجمة مع كثير مما‮ ‬يطرحه المبشرون بالدولة الدينية ومن دعاتها والمتحمسين لها‮.‬ فالصمت المريب الذي‮ ‬استمر لسنوات طوال عمّا تتعرض له الحريات المدنية من تنكيل قامع على كافة المستويات من اطراف ومن قوى الدولة الدينية‮ »‬وهي‮ ‬اطراف اجادت الاتحاد ضد الحريات المهنية‮« ‬وهذا الموقف المتلعثم والمتردد والخجول من قبل قوى التقدم والديمقراطية‮ ‬ينم عن تخاذل وتنازل خطير مرت من تحته ومن بينه البشائر والعناصر الاولى للدولة الدينية‮.‬ ففي‮ ‬الوقت الذي‮ ‬تتنازل فيه قوى الاسلام السياسي‮ ‬المختلفة عن خلافاتها وتبايناتها ومعاركها لتتحد وتتجمع لتبشر بدولتها الدينية خلف رداء‮ »‬الولي‮ ‬الفقيه‮« ‬سياسياً‮ ‬او خلف قفطان‮ »‬الحاكمية‮« ‬سياسياً‮ ‬نلاحظ ان القوى التقدمية والديمقراطية العربية تقدم التنازلات تلو التنازلات فتنضوي‮ ‬في‮ ‬تحالفات،‮ ‬وتقيم توافقات او‮ »‬تلفيقات‮« ‬وتفاهمات بأمل ان تنجح وعبر التصالح مع الاسلام السياسي‮ ‬في‮ ‬استعادة بريقها وشيء من حضورها المفقود في‮ ‬الشارع العربي‮.‬ وهو التنازل الخطير الذي‮ ‬ترتب عليه اصابة فكرة ومشروع الدولة المدنية في‮ ‬مقتل عظيم حيث تراجعت حظوظها اجتماعيا وثقافياً‮ ‬بعد ان تراجع المدافعون الاساسيون عنها وهم الذين كنا نراهن عليهم ونعتبرهم خط الدفاع الاخير عن الدولة المدنية‮.‬ فهل سقط الرهان بسقوط خط الدفاع الاخير‮.. ‬سؤال‮ ‬يظل معلقاً‮ ‬على بوابات احزاب وتنظيمات وتجمعات في‮ ‬عالمنا العربي‮ ‬لم‮ ‬يبق ما‮ ‬يذكر بهويتها المدنية وبتوجهاتها المدنية وبوعيها المدني‮ ‬الذي‮ ‬كان سوى الاسم وسوى بعض المظاهر‮.!!‬
سعيد الحمد
الحوار المتمدن 16/6/2008

A la défense de l’islam, à la défense des musulmans

Dans notre culture arabo-musulmane il est périlleux de transgresser les tabous et de toucher au sacré. Selon l’individu arabo-musulman, ce qui est sacré pour lui doit impérativement l’être pour les autres. On a tendance à oublier que l’autre peut penser différemment de nous et que ce qui est sacré pour nous ne l’est pas nécessairement pour lui.

Ce que j’appelle sacré ici ne l’est pas forcément dans le sens religieux. Il fut un temps où toucher à Abdennasser ou à Saddam Houssine représentait une profanation digne des réprimandes les plus acerbes. Aujourd’hui ce regard sacré est jeté sur des symboles religieux tels que Ben Laden, Al Qaradhaoui, Nasrallah ou encore Rached El Gannouchi. J’ai omis de mentionner les Ayatollah, qui eux, ont un pouvoir inégalable sur la conscience des gens chez les shiites.

Dans l’histoire de l’islam, la figure emblématique par excellence est celle du prophète Mahomet, ce personnage est honoré, glorifié, adoré, et son nom doit être inviolable. La manière avec laquelle les musulmans vénèrent leur prophète nous fait penser au dieu tout puissant. Quand on entend un musulman parler de son prophète, on se demande où sont les délimitations entre les notions religion, dieu, Coran et prophète. Le prophète est la religion et il est plus intouchable que dieu lui-même. C’est pour cela que les caricatures danoises du prophète ont suscité une vague de haine acharnée de par le monde musulman.

Cependant ce que tout musulman devrait savoir c’est que si un individu quelconque voit les choses différemment, c'est-à-dire s’il n’a pas ce regard sacré envers leur prophète, il ne peut pas comprendre cet acharnement et cette hargne. Un individu qui ne vénère pas le prophète peut dire ce qui lui passe par la tête parce que pour lui le prophète est un individu humain qui, à un moment de l’histoire a joué un rôle puis il est parti. C’est quelqu’un qui a raconté une histoire, quelques uns le croient jusqu’aujourd’hui, d’autres non.

الخميس، 12 يونيو 2008

ما أبدع هذه الجنة

تصوّر أنّك تعيش في قصر مزخرف بالذهب و الياقوت و تجري من تحته الأنهار و ما من شيء تطلبه إلاّ و يحضر بين يديك: جواري و غلمان و لباس من ديباج و زبرجد و أعناب و خمور و ثمار لم تر مثلها في دنياك أبدا. ستكون غير محتاج للتعب و العمل و التفكير، ستستمتع بما أنت فيه فقط، تشتهي امرأة فتأتيك عشرات من النساء لا تشبه الأقمار فقط بل هي الأقمار ذاتها، لم تقع عليها عين إنسان قط، و أنت في عزّ شبابك لا يصيبك المرض أو الكبر أو الوهن، و هنّ أبكار على الدوام

تخيّل أنك ستعيش في هذا القصر لمدّة مائة سنة: تأكل و تشرب و تفعل ما يحلو لك مع أجمل نساء في الكون، و كلما افتضضت بكارة واحدة منها عادت بقدرة غير بشرية إلى حالتها الأولى. و ليست بك حاجة إلى بيت الراحة فكل ما تشربه أو تأكله يخرج ريحا طيبة. و لن تكون بحاجة إلى العمل أو القيام بأي مجهود مضن: سيأتيك كل ما تتمناه على أطباق من ذهب و ستعيش عيشة المترفين التي طالما كانت حلما. الآن لم يعد لديك أي حلم لا يتحقق

تـَمَثّــلْ الآن المشهد التالي: منذ مليار و ثلاثمائة و ستة و خمسين ألفا و مائتين و ثمانية و تسعين سنة و بضعة شهور و أنت تعيش على هذه الوتيرة و ستبقى تعيش هكذا إلى الأبد: تعيش في قصر من أغلى القصور و أفخمها، تشرب أفضل الخمور و أعتقها، تلبس أفضل الملابس، تستند إلى أكثر الأرائك رفاهية و تمارس الجنس بكل الأشكال التي يوحي إليك بها خيالك، هذا إذا بقيت لك قدرة على التخيل بعد هذه الآلاف و الآلاف و الآلاف من السنوات

و عندما تريد أن تتأكد أنك في جنّـة الخلد و النعيم تطلّ على المخلوقات البائسة التي تحترق إلى أبد الآبدين في نار جهنم و التي كلما احترقت كلما عادت إليها جلودها جديدة كأن لم تمسسها نار من قبل. يعني في بضعة الآلاف من السنوات التي قضتها في الجحيم تبدّلت جلودها آلاف ملايين المرات: كل يوم مئات الجلود الجديدة لكل إنسان من مليارات الناس الذين أفضى بهم عقلهم الذي منحهم إياه الله إلى عدم الإيمان به أو إلى عدم اتباع تعاليمه. حاول ان تقوم بهذه العملية الحسابية: مئات (من الجلود) × مليارات (من البشر) × مليارات (من الأيام)ه

و كل ما تقدم يفترض طبعا أنك رجل لأن الجنة تم قياسها على حسب رغبات الرجال

الثلاثاء، 10 يونيو 2008

حوار عائلي




الحوار المتمدن - العدد: 2308 - 2008 / 6 / 10


أنا و أبوي وجدتي

كنا نشرب القهوه بعد صلاة المغرب كعادة العائلة كل يوم , و أثناء كلامنا وضحكنا العالي لاحظت أن والدي ما يضحك و يهوجس
رحت وجلست عنده بعد أن قبلت يده

مضاوي : يبه اش فيك تفكر كثير و لا تشاركنا بالضحك ؟ ؟

أبوي : با بنتي أفكر بها الشركة الجديدة و المساهمة فيها و مني عارف إذا كانت حلال و لاّ حرام ؟؟

مضاوي : طيب يبه تبي مني أن اسأل شيخ أو عالم ؟
أبوي : نعم يا بنتي إسألي الشيخ وشوفي وش يقولك عن الشركة

رحت وفتحت عدة مواقع إسلامية مشهورة بالإفتاء وجدت كل شيخ يقول فتوى تختلف عن الشيخ الآخر عشرات من المشائخ ؟ هذا يحرم و هذا يحلل و هذا يشكك بالمساهمة بهذه الشركة ربوية أو غير ربوية حرام , حلال , الله اعلم !!!! حتى أصبت بالدوار
قررت أن أضع عشرة أسماء مشائخ بطريقة القرعة .. و رحت لأبوي وقلت له
يبه اختر رقم من واحد لعشره ؟

أبوي : ليش يا بنتي؟

مضاوي : اختر ولا عليك , أي رقم تبي .. بسررررررررررررعه ؟

أبوي : كل الأرقام أحبها ههههههههههههه

مضاوي : أنت دايم طيب كعادتك ما تحب تجرح شعور باقي الأرقام هههههه

أبوي : طيب يا بنتي اخترت رقم 7 والشكوى على الله

مضاوي : طيب ...... رقم سبعة اممممممممممم ..... مبرووووك يبه
....!الشيخ (****) يقول بأن المساهمه في هذه الشركه حلال
أبوي : يابنتي وش تقولين فيك شي اصابك الجنون وش سالفتك ؟

مضاوي : يا يبه يا حبيبي كل شيخ يختلف رأيه عن الشيخ الآخر بالفتوى واحد يقول حلال والثاني يقول حرام و هذا يشكك ولا يخفى عليك هالشي وانا بصراحه مدري من اصدق , قلت لنفسي بدل ما ندخل بدوامة حلال وحرام وتشكيك أسوّي قرعة وأي شيخ يطلع بالقرعة نتبع حكمه وفتوته و عليه الذنب !!!ه

أبوي : ها,,,,,, اعرف أنهم مختلفين ولكن لا تصل الأمور إلى هذه الدرجه ؟

مضاوي : يبه حبيبي كل شيخ له فتاوي خاصة! المسلمين متشتتين بين الشيخ فلان وعلاّن والمضحك كل شيخ يشكك بفتاوي الأخر وينقص من قدره وعلمه !!ه

أبوي : نعم يا بنتي هذه من علامات آخر الدنيا !!!! الله يحسن خاتمنا بالشهادة.
ما أدري وش دخل اختلاف الفتاوي بآخر الدنيا

مضاوي: بخبث >>>> يبه سمعت بفتوى إرضاع الكبير؟؟؟؟؟

لما سألت أبوي ها السؤال رن هاتفه , وتدخلت جدتي العجوز وقالت :

جدتي : اشلون رضاعة الكبير الله يقطع ابليس ههههههه يا خزياه الرجل يرضع من الحرمه ؟

مضاوي : أول مره تسمعين هالكلام يا جدتي ؟

جدتي : اول مره يابنيتي ولا عرف شي عنه هو قط بالدين ؟؟ ما نسمعه بالاشرطه ولا (الفتلزيون)>>> تلفزيون يعني

مضاوي : يا جدتي يعني لو انا مثلا مثلا يعني اشتغل بمكان فيه رجاجيل ومختلط اقدر ارضع
زميلي بالعمل عشان يكون محرم لي وما تصير خلوه محرمه بينا

جدتي : هاو>>>( اندهاش) وش تقولين تتكلمين الحقيقه

مضاوي : والله العظيم ياجدتي صحيح الرجال يرضع من صدري ويجيب معه بسكوت ديمه ويرضع مني احلى فطور يا جده ههههه

جدتي : اعوذو بالله منك ومن اللي تقولينه يا بنت , رجال كبير وغريب يرضع من الحرمه ؟ لا الله ولا رسوله يرضى يابنيتي

مضاوي :اممم والله مشكله ( بتنصدم جدتي اذا عرفت ان الحديث عن الرسول ) ,,,,اوكي جدتي بقولك شي بس قسم بالله مهب من عندي , شوفي عائشه رضي الله عنها ارضعت رجل كبير (قلتها وانا خايفه مع انها مذكوره بالحديث)ه

جدتي : يابنت لا تقولين هالكلام وجع يوجع راسك حسبي الله عليك وش اتخربطين انتي يا قليلة مخافة الله !ه

مضاوي: والله العظيم مو مني يا جدتي اقسم بالله شيوخنا هم اللي يقولون كذا والبخاري يقول, انتي وش دراك ياجده انتي لا تقرين ولا تكتبين, انا اعرف وقريت الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وش ذنبي اتهاوشيني ماسبيت الاسلام

جدتي : طيب قولي وش قالنا حبيبنا المصطفى

مضاوي : قال الرسول ‏عَنْ ‏عَائِشَةَ ‏‏أَنَّ ‏‏سَالِمًا ‏‏مَوْلَى ‏أَبِي حُذَيْفَةَ ‏‏كَانَ مَعَ ‏‏أَبِي حُذَيْفَةَ ‏‏وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ فَأَتَتْ تَعْنِي ابْنَةَ ‏ ‏سُهَيْلٍ ‏‏النَّبِيَّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏فَقَالَتْ : إِنَّ ‏‏سَالِمًا ‏‏قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا ، وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا ، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ ‏‏أَبِي حُذَيْفَةَ ‏‏مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ ، وَيَذْهَبْ الَّذِي فِي نَفْسِ ‏‏أَبِي حُذَيْفَةَ ‏ ، ‏فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ : إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ ‏‏ أَبِي حُذَيْفَةَ . رواه مسلم في صحيحه (1453

مضاوي : سمعتي يا جدتي هذا حديث امنا عائشه رضي الله عنها

جدتي : والله يابنتي اول مره اسمع الحديث لكن اذا كان الرسول سمح فيه لعائشه لا اعتراض على اوامر حبيبنا رسول الله

إذا رغبتم في معرفة نهاية الحوار، ألقوا نظرة هنا.
زهير عطا سالم

الجمعة، 6 يونيو 2008

Le pouvoir tunisien réprime dans le sang la révolte du bassin minier

Communiqué de presse
La répression du mouvement du bassin minier prend une tournure d'une extrême gravité. Depuis ce matin, à Redeyef, de violentes confrontations ont lieu entre les manifestants et les forces de police. Un énorme dispositif policier a envahi la ville tirant à balles réelles sur les jeunes et saccageant maisons et boutiques.

Le bilan est très grave, Hafnaoui ben Ridha Belhafnaoui, jeune de 18 ans, a été mortellement touché par balles, on dénombre plusieurs autres blessés par balles.
En donnant l'ordre de tirer sur les manifestants pour tuer, le régime dictatorial de Ben Ali a décidé d'en découdre avec le mouvement du bassin minier de Gafsa. Il cherche à en finir, quelque soit le prix, avec ce mouvement social dont la principale revendication est le droit au travail et à des conditions de vie dignes. Ce mouvement qui dure depuis le 5 janvier 2008 n'a cessé de s'amplifier et de s'étendre ces derniers jours aux villes et aux régions voisines du sud ouest tunisien, c'est ce que craint le régime tunisien.
Le comité de soutien à la population du bassin minier de Gafsa dénonce cette répression criminelle du régime tunisien. Il appelle les militants et les organisations politiques, syndicales et associatives à manifester leur solidarité avec la population du sud ouest tunisien et à se joindre au rassemblement qu'il organise demain à 14h00 à la fontaine des innocents à Paris.

Paris, le 6 juin 2008.

Comité de Soutien aux Habitants du Bassin Minier de Gafsa
C/o FTCR, 3 rue de Nantes 75019 Paris
Courriel : bassin.minier@hotmail.fr

Source : F.C.T.R. Pour une citoyenneté des deux rives.

الحرية لا تمنح


يحدث كثيرا أن تعترضنا هذه المقولة "الحرية لا تـُمنح، الحرية تـُفتـكّ"، و لفرط استعمالنا أو تعرّضنا لهذه العبارة و بشكل مبتذل أحيانا تفقد هذه المقولة كنهها في غالب الأحيان

يستعمل الإنسان العامّي مصطلح الحرية للتدليل على الانفلات من القيود و على اللامسؤولية، و بشكل عام يوصف المطالبون بحرّياتهم الشخصية على أنهم أشخاص لا ضوابط لسلوكهم الذي لا يخضع لنموذج السلوك الاجتماعي السائد. و يمكن أن نستشفّ ذلك من استعمالنا للعبارة التالية في سياق الحياة اليومية العادية: "أنا حرّ أفعل ما أريد

و مع ذلك فالمعنى العميق لكلمة الحرية لا يفترض التحلّل من المسؤولية بل على العكس تماما، لأن مسؤولية الإنسان الحر و الواعي تتمثل في كونه يطالب بالحرية لغيره كما يطالب بها لنفسه، و ذلك لأنه من جهة يؤسّس لمجتمع حرّ يرتكز على مفهوم المواطنة و على مبدأ احترام و ضمان حقوق الآخر و مطالبته بتأدية واجباته، و من جهة أخرى لأنّه من العسير أن تكون حرّا وسط مجتمع يرزح تحت أثقال العبودية

في المجتمعات التي كان يسودها الرق و التي كان يتمتـّع فيها الأسياد بامتلاك الآخرين، لم يكن هؤلاء الأسياد أحرارا لأن هذه السيادة هي الوجه الثاني لعملة العبودية. و قد كان المطالبون بإلغاء العبودية أحرارا في توجهاتهم و في مبادئهم، مما دعا الكثيرين إلى البذل من وقتهم و فكرهم و أموالهم في سبيل مبدأ التحرير كما دفع البعض حياتهم في سبيل ذلك

قد يذهب البعض إلى الاعتقاد أننا حين نناقش موضوع الحرية فإننا نعني بذلك الحرية السياسية على المستوى الضيق، و أعني بذلك فهم الحرية السياسية على أنها ترتبط أساسا بالممارسة السياسية المباشرة و ذلك في علاقتها بمبادئ من نوع نزاهة الانتخابات و التداول على السلطة و الديمقراطية داخل أجهزة الدولة و من ثم مطالبة السلطة السياسية بحقوق قد يكون من أهمّها المواطنة و حرية التحزب و حرية الصحافة و حرية التعبير، الخ. و بطبيعة الحال فهذا مستوى راقي من مستويات الحرية و لا ينكر حق المطالبة به أو وجوبها إلا أصحاب السلط الاستبدادية أو المدافعين عن شرعيتها. إلا أن الحرية تتجاوز هذا إلى المفهوم الأوسع و الذي له علاقة بالمستوى السياسي و لكن ليس بالضرورة في شكله المباشر

في حياتنا اليومية يحدث لنا أن نتعرّض إلى ضغوط عديدة و نجد أنفسنا دون وعي منا نقدّم تنازلات تكون فيها حريتنا هي الثمن في حين أنه بمقدورنا أن نمارس حريتنا بشكل عادي و في إطار القانون. لو يراجع كل منا نفسه إثر أسبوع مشحون بالأحداث و الأعمال داخل البيت و خارجه، مع الأهل و الأصدقاء و زملاء العمل سيجد أنه في مجالات كثيرة يحافظ على قيود قد كبّل بها يديه بنفسه و بإمكانه التخلص منها بممارسات بسيطة و هي ممارسات تتطلب من كل ذي حق أن ياخذ حقه، و ذلك عن طريق استرجاع شخص لممتلكاته الخاصة من شخص آخر و عن طريق تعبير شخص عما يراه صالحا به في شأنه الخاص و عن طريق رفض آخر لممارسة يرى أنها غير صائبة من منظوره هو شخصيا و ليس بالضرورة كما يرى ذلك غيره

و هنا لا بد من ذكر التفاعل الموجود بين مفهوم الحرية و مفهومي الحق و الواجب، فأنت لا تكون حرا إذا تنازلت عن حقوقك كما أنك لا تكون حرا إذا لم تقم بواجباتك

إن الأم التي تتقدم بشكوى ضد المؤدب الذي يتحرش جنسيا بابنتها في الكتاب و لا تتغافل عن ذلك خوف الفضيحة و خوف القيام بما هو غير مرغوب فيه اجتماعيا إنما تمارس حقا و هذا جزء من حريتها كمواطنة

إن الفتاة أو المرأة الريفية التي تطالب إخوتها الذكور بنصيبها في الميراث إثر وفاة والديها لا تعترض على حق أحد إنما تطالب بحقها و في ذلك ممارسة لحريتها

إن الرجل الذي بلغ الثلاثين من العمر و عبّر عن رفضه الزواج من ابنة عمه التي تمت خطبتها إليه و هو طفل و هي رضيعة لأنه متأكد من انعدام وجود علاقة عاطفية تجمعه بها إنما يعبر عن حريته

تبتدئ تنازلاتنا عن حرياتنا بمواقف بسيطة من الأحداث اليومية العادية و عادة ما تكون عن طريق شعورنا الغير معقلن بأن علينا تبرير عملنا للآخر رغم أننا لم نستهدف ذلك الآخر في شيء أو عن طريق نكراننا لحدث أو لحقيقة واقعة خوف جرح مشاعر الآخر، و في الغالب نقوم بالاعتداء على مشاعرنا الخاصة و شيئا فشيئا نتعود على مثل هذه الممارسة التي نكبت فيها أحاسيسنا و أفكارنا حتى لا نعود نشعر بأننا بصدد تقديم أي تنازل

هذا ما يحدث عندما يسألك صديقك عما دار بينك و بين زيد أو عمر و لا تستطيع أن تخبره بأن ذلك أمر لا يعنيه، و هذا ما يحدث عندما يعاتبك أحدهم على موقف اتخذته و لا تجرأ على الرد بأنك ترى الأمر بشكل مختلف عن رؤيته، و هذا ما يحدث عندما تستجيب لدعوة شخص بسبب إلحاحه و ليس بسبب رغبة حقيقية في الاستجابة للدعوة

تقول أم كلثوم "أعطني حريتي أطلق يديّ..." ثم "آه من قيدك أدمى معصمي"، و أقول "لو لم تمدي معصمك لهذا القيد لما أدماه" و "أطلقي يديك تحصلي على حريتك

عندما تكون حرا فأنت تمارس بشكل حر. ترفض حينما يبدو لك أن ترفض و تحاجج إذا كان لا بد من المحاجة إنما لا تبرر تصرفات أنت راض عنها و هي في آخر الأمر لا تلزم سواك. ما يقـيّدك هو تصوّرك لرد فعل الآخر الاجتماعي و خشيتك أن يترتب عن تصرفاتك رفض لشخصك. تخلّص من هذا الآخر في ممارساتك لأن الآخر لا يستطيع أن يمنحك حريتك فهي ليست ملكا له