الأحد، 15 أبريل 2007

لا للشعوذة

في العدد الصادر بتاريخ 9 أفريل 2007 نشرت الصحيفة الإلكترونية دنيا الوطن المقال التالي "حليب الإبل علاج للكبد الوبائي و السرطان وأمراض القلب و الأوعية الدموية

يذكر المقال أن أخصائية علاج شعبي (لاحظوا هذا الاختصاص المتميّز) كشفت أن حليب النوق يمثّل علاجا للكثير من الأمراض المستعصية و تستند هذه الأخصائية إلى "تقرير طبي نشر بمجلة العلوم الأمريكية مؤخّرا" يؤكد فيه العلماء بأن عائلة الجمال وخصوصا الجمال العربية ذات السنام الواحد تملك في دمائها وأنسجتها أجســـاما مضادة صغيرة

لن أطيل عليكم فبإمكانكم أن تقرؤوا تفاصيل التقرير على موقع دنيا الوطن
ما أودّ الإشارة إليه في هذا المقال هو حضور عبارات من نوع "نشر بمجلة العلوم الأمريكية مؤخّرا" (الله أعلم أية مجلة علوم أمريكية و متى) و "لفتت إلى أخبار شبه مؤكدة من خلال التجربة العلمية" (ما معنى أخبار شبه مؤكدة؟) و "ذكرت دراسة متخصصة" (بديعة جدا هذه الدراسة المتخصصة التي لا تحمل اسما ولا عنوانا

سأكتفي من الخبر بهذا القدر و لكني سأنقل لكم البعض من تعليقات قراء دنيا الوطن و التي لاحظت أنها فعلا "بنّاءة" و قادرة على نقلنا نقلة نوعية بمقدار أكثر من عشرة قرون إلى الوراء

يقول أحد المعلقين "بول الإبل ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم والخنزير وبول الحصان مش مقرفين لأن بول الحصان يستعمل للماكياج أما الخنزير في الأدوية العادية
معلق آخر ذكر أن "التقرير لم يذكر بول الإبل فبول الإبل البكر معروف بأنه علاج خاصة لمرض الدم
و أضاف ثالث "حليب الإبل وأيضا بول الإبل ويسميه أهل البادية الوزر يشفي من عدة أمراض بإذن الله
بينما قال آخر "صلي الله عليك وسلم يا حبيبي يا رسول الله. صدقت ورب الكعبة

ما أستغرب منه هو أن هؤلاء لهم قدرة عجيبة على تصديق الإشاعات و الخرافات والإيمان بها و ربط كل ذلك بالموروث الديني
سأفترض أن الدراسة المذكورة قد توصلت فعلا إلى النتائج الآنفة الذكر، ما الذي يجعل 13 معلّقا من أصل 14 يقومون بربط عمليتين لا رابط موضوعي أو منطقي بينها: بين حليب النوق و بول الإبل من جهة وبين الدراسة و ما قاله الرسول من جهة أخرى؟
هل يحتاج إيمان المسلم إلى دراسات علمية حتى يَـثـبُـت أمام كل ما ثـَـبَت علميا و لم يَرِد ذكره في القرآن أو السنة؟
هل قام أحد بدراسة تتناول مقارنة بين النسب المئوية للأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة و الأشخاص المصابين بالكبد الوبائي و السرطان وأمراض القلب و الأوعية الدموية في مناطق مختلفة نوعيا: مناطق يستهلك أهلها لبن النوق بانتظام و مناطق لا يشرب أهلها لبن النوق بالمرة؟
بطبيعة الحال ليس بإمكاني الإجابة على هذه الأسئلة ولكن بإمكاني إيراد التعليق الوحيد على المسألة والذي بدا لي منطقيا أكثر من البقية وهو
الدّاء الذي ليس له دواء في هذه المجتمعات: الشعوذة والمغالطة وتزوير المعلومات. فلننتبه لما جاء بهذا المقال العجيب. فالسطر الأول ينبئنا أن مصدر المعلومات "طبيبة شعبية" ثم ليثق القارئ أكثر بهذه الشعوذة يقول المقال بأنها (الطبيبة المزعومة) استندت إلى "تقرير طبي نشر بمجلة العلوم الأمريكية مؤخرا". نعم لقد صدقنا ولم لا؟ فهنا ك مجلة علوم أمريكية واحدة وتاريخ نشرها مؤخرا. فلا حاجة لنا بمعرفة العدد التسلسلي للمجلة ولا بالصفحة ولا بتاريخ المقال والسبب أنها تتحدث عن دواء بالنوق العربية فقط. استر يا رب. أمريكا اعتدت على أوطاننا من أجل النفط وبعد نهايته ستعتدي علينا من أجل النوق العربية ذات السنام الواحد.

هناك تعليقان (2):

الربان يقول...

تحياتي

يا سيدتي من المعلوم ان مكان المرعي و نوعيته....يؤثر في مكونات الحليب بل و طعم اللحم....

ان كان حليب الابل في الماضي ذو فائدة قد يكون هذا بسبب المرعي التي كانت ترعي فيه الابل ...و غالبا ما كانت ترعي في الصحراء في اماكن بها نباتات تظهر و تنمو ربانياً ، اي بدون تدخل من الانسان...

الان أصبح المرعي يأتي الي الابل..بمعني انالابل اليوم تأكل البرسيم و الاعشاب الاخري التي تجلب اليها...من مختلف الجهات بل و يمكن ان تكون مستوردة من خارج البلاد مثل البرسيم الذي تستورده دول الخليج.

نسأل الله العافية و العافاة الدائمة في الدين و الدنيا و الاخرة للجميع.

تحياتي و شكرا علي الموضوع.

mahéva يقول...

إلى الربان
شكرا على هذه المعلومات القيمة
تحياتي